لا نخجل أبداً بأن نعترف أننا متأخرون عن الآخرين، بل نقول ذلك دائماً، ونكتبه في الصحافة ووسائل الإعلام، ولولا استخدامنا هذا الإعلام كسلطة رابعة، مع كل ما يتوفر لنا من شفافية وحرية تعبير، لما تحققت بعض أحلامنا على مدى السنوات العشر الماضية، وها نحن أخيراً ندرك بأن هناك، وفي جميع دول العالم، ما يسمى تأشيرة سياحية. صحيح أن سياحة بلادنا لم تزل في البدايات، ودون المأمول، لكن كثير من الدول في العالم أقل منا في عناصر جذب السياحة وحوافزها، ومع ذلك تمنح تأشيرات السياحة!
أعتقد أن إقرار مجلس الوزراء لنظام منح تأشيرات السياحة للراغبين في دخول السعودية لهذا الغرض هو أمر مهم للغاية، وهو يمنح المملكة حقها الطبيعي، ويحترم السائح الذي يمكنه دخول البلاد لغير أغراض العمل والحج والعمرة وغيرها، ولا شك أن ذلك جاء بالعمل الجاد والدؤوب من هيئة السياحة والآثار، وربما هي قناعة منها، أو إستراتيجية مختلف عما كانت تفكر فيه سابقاً، من أن هدفها المهم هو السائح المحلي، سواء كان مواطناً أو مقيماً، إذ لم يكن يشكل السائح الأجنبي بالنسبة لها أكثر من 10% من أنشطتها وخططها المستقبلية!
هذا الأمر، على ما تمتلكه بلادنا من تنوع جغرافي وثقافي، ومواقع أثرية مهمة على مستوى التاريخ الإنساني، والممالك القديمة، سيجعلنا أمام تحد كبير، لكي نثبت للعالم أننا طبيعيون ومتسامحون، ونتقبل الآخر في مدننا وقرانا، بل ونرحب به، ولكي يدرك العالم أننا جزء منه، نتأثر ونؤثر فيه، ولكننا أيضاً بحاجة إلى أن نكون مثله في الانضباط وقوانين التأشيرات، ومن بينها تأشيرة السياحة.
فمثلاً، نعلم ما نواجه من صعوبات بعد نهاية موسم الحج، في إلزام الحجاج بالعودة إلى بلادهم، بدلاً من الإقامة بشكل مخالف قانونياً لشروط الإقامة والعمل، خاصة أن كثيراً من الحجاج من دول إسلامية، معظمها فقيرة، فيحقق حلمين معاً، الحج أو العمرة والثراء، وكما كانوا قديماً يقولون (حج وبيع سبح) حينما كانت المسبحة سلعة ذات قيمة، وذات بعد ديني، فيبقى هؤلاء مدداً طويلة بعد الحج يمارسون التجارة، أو العمل غير النظامي!
من هنا، أخشى أن تتحول تأشيرات السياحة لدينا، إلى ما يشبه تأشيرات الحج والعمرة من بقاء وتلاعب بأنظمة الإقامة، فيصبح لدينا (سياحة وبيع سبح)، خاصة إذا لم نضع قانوناً محكماً، وقوانين مغلظة كما في دول الغرب، بشأن من يبقى في البلاد من غير إقامة عمل، وهو الدور الذي نشطت فيه الجوازات مؤخراً، ومع ذلك يحتاج الأمر ضبطاً أكثر من الحملات الطارئة!