استيقظت ضمائر الأوربيين الغربيين بعد ستة وستين عاماً بعد أن ساهموا مساهمة كبرى في مساعدة الإسرائيليين على الاستيلاء على وطن الفلسطينيين وغيبوا طوال هذه المدة الطويلة الحقوق الفلسطينية المشروعة.
الآن البرلمانات الأوربية في الشطر الغربي تصدر توصياتها إلى حكوماتها بضرورة الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل، الاعترافات البرلمانية صدرت حتى الآن من أهم البرلمانات الأوربية الغربية بدءاً ببريطانيا وبعد السويد التي اعترفت الحكومة والبرلمان بحق الفلسطينيين، ثم إسبانيا وإيرلندا وفرنسا والبرتغال فيما لا تزال ألمانيا على موقفها الداعم الأكبر للإسرائيليين والذين قدموا آلاف المليارات من الدولارات إلى الكيان الإسرائيلي وقدموا شحنات الأسلحة بما فيها غواصات نووية للإسرائيليين ليساهموا في قتل الشعب الفلسطيني، ومع أن الواجب الأخلاقي والأدبي يفرض على الألمان بأن يكونوا أول المبادرين للاعتراف بوطن للفلسطينيين خاصة وأن الفلسطينين فرض عليهم أن يدفعوا ثمن جرائم الألمان بحق اليهود في زمن الحكم النازي، وقدم الوطن الفلسطيني، مكاناً لاستيعاب اليهود الفارين من ألمانيا وبعض دول شرق أوروبا، وكان على الفلسطينيين أن يدفعوا ثمن جرائم الألمان الذين ضاعفوها بارتكاب جرائم أدبية ضد الفلسطينيين؛ كونهم الداعم الرئيسي الاقتصادي والمالي إلى الكيان الإسرائيلي بحجة تعويض اليهود عن الجرائم التي ارتكبت ضدهم إبان الحكم النازي.
الفلسطينيون لا يريدون تعويضاً من الألمان الذين يدينون كثيراً للفلسطينيين، ومثلهم الأمريكيون الذين يشكلون الضلع الثاني في دعم الإسرائيليين مالياً وعسكرياً وسياسياً، وكلا الدولتين (أمريكا وألمانيا) ليس في أجندتها الاعتراف بدولة فلسطين، بل الأدهى من ذلك أن أمريكا ستعرقل أي تحرك دولي لتحقيق هذا الحق المشروع للفلسطينيين عبر استعمال سلاح الباطل (الفيتو).
ومع هذا فإن توالي الاعترافات البرلمانية الأوربية سيشكل ضغطاً أخلاقياً وأدبياً على أمريكا وكل من يدعم الباطل الإسرائيلي، ومع أن التأثير الأخلاقي لا يؤخذ به في السياسة الدولية إلا أن الشعوب التي أوصلت البرلمانيين إلى قاعات التشريع ستحاسب حكوماتها التي لا تستجيب لتوصيات برلماناتها التي تطالب بالاعتراف بالدولة الفلسطينية، وهو ما سيشكل ضغطاً على الحكومات الغربية التي ترى أن كثيراً من المظالم ترتكب بحق الفلسطينيين وأن تزايد هذه المظالم سيفجر المنطقة العربية التي تشترك مع أوربا في حدود طويلة، وأن وجود اضطرابات وظلم في المنطقة المحاذية لها لابد وأن تتأثر به، ليس فقط وصول نازحين لها بل أيضاً انتشار الجماعات الرديكالية وحتى الاضطرابات على أراضيها، ولذلك فلابد من إيجاد وسيلة لإنهاء الظلم الواقع على الفلسطينيين، وإن من أهم العلاجات هو التشريع بإقامة دولة مستقلة لهم على الأراضي التي تحتلها إسرائيل.