بدأت قمة الدوحة الخليجية وسط أجواء فرحة وابتسامات امتدت حتى المركز الصحفي، حيث يتجمع الصحفيون الخليجيون والعرب؛ ما جعل الأمين العام لمجلس التعاون يطلق على القمة (قمة الفرحة).
إلى ما قبل أقل من شهر كان التشاؤم يلف جميع عواصم دول مجلس التعاون؛ إذ لم يكن أغلب أهل الخليج يتوقعون انعقاد قمة الدوحة في موعدها، وإن عُقدت فربما يتغير مكان انعقادها من الدوحة إلى عاصمة خليجية أخرى.
هكذا كان الرأي الغالب، إلا أنه كان لحكيم العرب خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز رأي آخر؛ فمن خلال سعيه وعمله الدؤوب على تنقية الأجواء والخلافات العربية كان تركيزه على الحفاظ على البيت الخليجي، فكان التعاون والدعم لمبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد، وبهدوء استجابت دول الإمارات والبحرين وقطر لجهود خادم الحرمين الشريفين حينما التقوا في الرياض في قمة استثنائية، تمخضت عن اتفاق تكميلي، أزاح الخلافات بين دول الخليج، ومهد لعقد قمة الدوحة. ومن يوم نجاح لقاء الرياض وخطوات التقارب تتسارع لرأب كل صدع سابق، دعمها حديث خادم الحرمين الشريفين الذي دعا فيه إلى لجم أدوات الهدم التي نشطت إبان فترة الاختلاف، وفي مقدمتها بعض الأجهزة الإعلامية ووسائل الاتصال، التي تخصصت في الدعوة إلى توسيع رقعة الخلافات، بدلاً من المساعدة في ردم فجوة الخلافات والمساعدة على التفاهم والحوار. وكان حديث المليك واضحاً وصريحاً وموجهاً إلى رجال الفكر والإعلام، وكتّاب الرأي بالأخص، الذين اتجه بعضهم إلى الخوض في القضايا الشخصية بدلاً من التركيز على معالجة أسباب الخلاف وتأثيراتها السلبية على مسيرة العمل العربي المشترك.
الاستجابة لمبادرات خادم الحرمين الشريفين تعدت منظومة مجلس التعاون، وكان تأييد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي والجمهرة الكبيرة لقادة الفكر والرأي والإعلام العربي هما اللذان صنعا أجواء الفرح والتفاؤل، التي جعلت الأمين العام لمجلس التعاون يسمي القمة بـ(قمة الفرحة)، فرحة أهل الخليج جميعاً والعرب بعودة الروح بقوة لمجلس التعاون، التي حتماً ستنعكس إيجاباً على المسيرة العربية التي تحيط بها الأخطار من كل جانب.
وسط هذه الأجواء انعقدت قمة الدوحة، وليوم واحد، توافقاً مع رغبة القادة بتفعيل العمل وتسريعه، خاصة أن مواضيع البحث محددة، والآراء متفقة حولها، وبخاصة تلك التي تهتم بالشؤون الأمنية والعسكرية؛ إذ تتصدر قضية مواجهة الإرهاب الأولوية المطلقة لدول المجلس، التي اتفقت على ابتكار آليات فعّالة لمواجهته من خلال إنشاء مؤسسات أمنية وعسكرية جديدة.
كما سيهتم القادة بمواجهة موجة انخفاض أسعار البترول بصياغة سياسة اقتصادية للحفاظ على مواقع دول المجلس في الأسواق العالمية، مع دفع برامج التنمية دون التأثر بخفض الإيرادات.
وأخيراً، سيركز القادة على دعم العمق الاستراتيجي لإقليم الخليج، بتوثيق العلاقات مع الدول العربية المحورية، وفي مقدمتها مصر، التي ستحظى بدعم ومساندة بالوقوف مع خيارات الشعب المصري، ومساندة قيادته السياسية.