من المعتاد قيام علاقة طبيعية بين الكاتب المتعاون وصحيفته من خلال المقال الذي يرسله يومياً أو أسبوعياً عبر وسائل الاتصال المختلفة. وحينما كسرت جريدة الجزيرة هذه القاعدة بمنح كتابها وكاتباتها المشاركة في اللقاءات الرسمية مع الوزراء ومن في منزلتهم من مسؤولي الحكومة عبر ندوات جادة متدفقة بالأسئلة المفتوحة والمعلومات الغزيرة؛ توقع الصحفيون أن ذلك أقصى ما تُقدِّر به الصحيفة كتابها عندما تتيح لهم لقاء الوزراء للاطلاع على خطط الوزارة واستراتيجيتها ومناقشتهم ونقل استفسارات الناس وهمومهم للمسؤول!
لم تقف صحيفة الجزيرة المثابرة عند ذلك الحد؛ وإنما أتبعته بلمسات من الوفاء والتقدير باستضافة كتّابها وكاتباتها وكتّاب من صحف أخرى وبعض ممثلي الشركات التجارية ونقلتهم إلى دبي لتقيم احتفالها السنوي وتعرض فيه أحدث التقنيات في مواد التحرير والتصوير والإخراج التي تخدم المعلن وتظهر الإعلان بصورة مشوقة لقارئ الصحيفة، ولم تغفل عن إدراج الترفيه والنشاطات الاجتماعية السياحية ضمن الرحلة الجميلة عبر تنظيم وترتيب قام به بكل مهارة فريق عمل متكامل من العلاقات العامة.
إن البشاشة والبشر وحسن الضيافة والكرم المخضل بالسخاء الذي تعاملت به الجزيرة مع ضيوفها الذين تجاوزوا ثلاثمائة شخص يشير إلى وجود إدارة نشيطة يحكمها الانتماء لهذه المنظومة المتكاملة التي استطاعت أن تنطلق حتى خارج الحدود وتنقل صورة مشرقة عن بلد يقدِّر الثقافة والوعي، وحكومة تدعم الكلمة الصادقة بالخبر والمقال والصورة وحتى الإعلان الذي تحكمه القيم والمعايير الأخلاقية.
ولعل الجزيرة حينئذ أسقطت كل التنبؤات التي تشكك باستمرار بقاء الصحف الورقية بنفس تدفقها، وبددت جميع المخاوف التي تحيط بالمعلنين فيها، حينما أكدت أن دخلها المرتفع هو إشارة إلى ديمومة قبولها لدى المعلن والمستهلك على حد سواء.
ونجاح جريدة الجزيرة يكمن في حالة الانتماء التي يشعر بها الكاتب والمحرر الصحفي، وكذلك من يعمل في الصف والتحرير والإخراج وحتى حارس الأمن، وهو تفوق يحسب لرئيس مجلس الإدارة الأستاذ مطلق المطلق ورئيس التحرير الأستاذ خالد المالك والمدير العام الأستاذ عبد اللطيف العتيق.
وعندئذ من حقنا أن نشعر بالفخر لانتسابنا لجريدة فاخرة تقدّر ما نكتبه، وتحترم عقل القارئ بنقل الخبر الصحيح والمعلومة الحقيقية له، وتمنح المعلن الفرصة لكي يصل منتجه للمستهلك الذي هو قارئ نهم، وواعٍ ومدرك وناقد.
وطالما كانت الجزيرة بهذا المستوى الراقي فهي بحق عروس الصحف الدائمة.