أحيانا لا أجد في نفسي حماساً للدفاع عن أية امرأة تذهب بكامل إرادتها لأولئك الأشخاص الذين جعلوا من الرقية والعلاج بالنفث تجارة بالدين، والعجيب تسامح المجتمع مع هذا التصرف إن لم يكن كثير من أفراده يباركونه بل ويتناقلون أسماء الرقاة ويتدافعون عليهم.
وكلما سمعت عن ابتزاز راقٍ لامرأة؛ أدركت مدى المعضلة الاجتماعية لكل ما يدور حول المرأة، وأيقنت بضرورة القيام بثورة لأجل الارتقاء بفكرها وتوعيتها بقيمتها كشخص يفترض أنه كامل الأهلية! ويسقط في يدي كلما رفعت راية الدفاع عنها ولها، ويزداد إحباطي كلما رفضت بعض النساء الدفاع عنها خوفاً من أن يوقظها من مرقدها الذي تنعم فيه بالراحة والسكون، في حين يستبسل بعض الرجال أياً كان توجههم بحمل مسؤوليتها بحكم أنهم أدرى بأمرها وباعتبار أنها من التوابع!
ولكي لا يطول الحديث في هذه الجزئية؛ فإني أرجو ممن ترغب أن تكون ضمن القطيع ألا تعد مقالي موجهاً لها، وإنما لمن سئمت من طول المكوث على أطلال التبعية المقيتة.
فإنه يحزنني جداً أن أرى بعض النساء يترددن على الرقاة فينفث في وجه إحداهن ويتحسس جسدها ويتلصص على أنوثتها ويجد لديه من المبررات الكافية بفعل ذلك بقصد القراءة لطرد الجن وطمس العين واجتثاث الحسد! وهو بالواقع يهين كرامتها ويطمس شخصيتها ويقضي على كينونتها كإنسان كرمه الله على كثير من خلقه بعيداً عن الذكورية التي تحولت لاستعلاء مقيت! وتجد تلك المغفلة تستنجد بهيئة الأمر بالمعروف بعد أن يحصل المحذور وتقع في براثن (الراقي) الذي هو بالواقع (الواطي) المتاجر بدينه وهيئته لكي يستغفل تلك الساذجة التي حضرت له وهي بكامل ضعفها وانهيار معنوياتها، وهو بكامل استعداده وعتاده من الكذب والخداع والنفاق!
وعندما تنقل الصحف خبراً عن هذا الابتزاز لا تجد من يشجب ولا يستنكر، بل تتفاجأ بمن يدافع عن جميع الرقاة، وأن ما يتداول هو استهداف لأهل الخير والصلاح !! وتنطلي هذه الأقوال على المرأة فلا يكون زاجراً لها عن التردد لبيوت الرقاة! وتستمر عجلة الحياة بالدوران لتدور معها عقول صودرت حريتها، فهي أبداً أسيرة فكر بالٍ وذهن بليد!