من أول السطر، فقد كان تقرير الـ cnn - قبل أيَّام - عندما نقل عن تقرير حملة السكينة، بأن: «تنظيم داعش، فشل في تجنيد عناصر على نطاق واسع في السعودية، بخلاف تنظيمات متشددة أخرى، كان لها نشاط على ساحة المملكة»، مؤكدا: «أن عدد المنضمين للتنظيم لم يزد على 2000 شخص، وأن قادة التنظيم يحاولون إذلال الخليجيين»، نقلا للواقع من حيز التكهنات، والتخمينات، إلى حيز الحقيقة، والواقع؛ ليقضي على محاربة فهم متطرف، يفضي في نهاية الأمر إلى الإرهاب.
تحليلا للواقع، فإنَّ تصاعد الخطر الإرهابي في المنطقة نجم عن تحرك تكتيكي، أُريد منه استهداف المنطقة بأكملها، والدفع بالصراع مع الآخر إلى حدوده القصوى، إضافة إلى تشويه صورة الإسلام كرؤية حضارية، والعمل على خنقه بأفكار متطرفة، عبر أدوات هدفها: تجنيد الأتباع، واستعمال اللغة الانفعالية في التأثير على الآخرين، وبالتالي تكوين الاقتناع في العقول، دون الالتفات إلى إرهاصات التفكير الواضح؛ بسبب أحادية الرؤية، وعزلها في زوايا ضيقة، وتبرير الممارسات اللا إِنسانية، التي تقوم عليها في ظل الأيديولوجية المحركة لها، وبعيدة عن الأدوات الصحيحة للتعامل مع الواقع القائم على القتل، والتدمير، ونشر الفوضى.
عند القول: إن التصدي للخطر الإرهابي، يحتاج إلى تعاون إقليمي واسع؛ لمواجهته، ووقف تمدده، فهذا صحيح، إلا أن الرهان على أن المواجهة الفكرية، ستبقى دورا فاعلا في هذه المعادلة، باعتبارها خط الدفاع الأول، وستظل أساسا في إطار الحرب على الإرهاب. وهي بلا شك نتيجة حتمية، وإن كانت ممتدة، وستظل نقطة التحول الكامل، التي يؤرخ بها لما قبلها، وما بعدها، وذلك من خلال إشاعة قيم الحوار، والتعددية، وتعزيزهما، وترسيخهما، وكذلك تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الدين الإسلامي الصحيح.
ثم إن المواجهة الفكرية، وإن كانت العنصر الأساس في إطار الحرب على الإرهاب، فإنها يجب أن تستند إلى عناصر لا غنى عنها، أهمها: بناء قاعدة معلومات واسعة، ودقيقة، تتسلل خلف خطوط الجماعات الإرهابية؛ من أجل تفنيد الأسس الفكرية، والنظرية لتلك التنظيمات المستهدفة، والعمل على تجريدها من المبررات، التي تعتمد عليها، سواء تم ذلك من خلال المناظرات المباشرة، أو من خلال مناقشة شبهاتهم، التي تحمل هذا الفكر في طيّات رسائلهم، ومؤلفاتهم.
إن الاهتمام بالأبعاد المستقبلية، والتأكيد على المحاكمات العقلية؛ من أجل فهم طبيعة الفعل، ونتائجه برؤية شمولية، تستدعي تفكيك المنتج الإرهابي المنغلق، وهذا ما أكد عليه رئيس حملة السكينة الشيخ عبد المنعم المشوح، عندما قال: «نحن نلمس نجاحات، وتغيرات؛ لكنها ليست بالمستوى المطلوب، فالمواجهة الفكرية إن استمرت بنفس المستوى، نخشى أن تضعف، أو تتلاشى».