تتابع صحيفة الجزيرة الأيَّام الماضية افتتاح المهرجانات السنوية بعدد من المناطق، لكن من الملاحظ أن كثيرين منا لا تستهويهم الحمضيات ولا يقبلون عليها على النحو نفسه الذي تقبل به عليها شعوب أخرى تعرف قيمتها الغذائية، فضلا عن جمال طعومها.
للحمضيات فوائد علاجية كثيرة، فهي مفيدة بأزهارها وأوراقها وثمارها وقشور ثمارها، بل ان شم رائحة الليمون - على سبيل المثال - يرفع المعنويات ويشرح الصدر ويقوي الجسم والبشرة، وإن الليمون يعالج العديد من الأمراض وهو أيضاً فاتح للشهية ويدر العصارات الهاضمة، ويزيد مناعة الجسم نتيجة احتوائه على فيتامينات مهمة وعناصر معدنية وغذائية هامة لصحة وحماية الجسم.
سوف نقدم باختصار بعضا من هذه الفوائد وشرح لهذه الأهمية لتكون بداية تعريف لمن يريد البحث عن التفاصيل الكاملة. ففي مجال الدم والأوعية الدموية، يقلل الليمون نسبة الدهون بالدم ويقاوم ترسيبها على الشرايين، لذلك يقي من أمراض القلب والأوعية الدموية كما انه يقوي جدران الأوعية الدموية لذا يقاوم مرض الإسقربوط ونزيف اللثة وينشط الدورة الدموية، كما ان وجود عنصر البوتاسيوم يجعله خافضا للضغط.
وتقول دراسة إن مركبات غذائية يحتوي عليها عصير البرتقال - وهي تحديدا البوتاسيوم وحامض الفوليك وفيتامين (ج) - ربما توفر حماية ضد الإصابة بأمراض الأوعية الدموية القلبية.
ولابد من الإشارة أيضاً إلى رأي العلماء في أن طعم الحموضة المميز لعصير البرتقال والليمون تساعد في علاج نزف اللثة، وقال الفريق العلمي الأمريكي إن حامض الستريك الموجود في الحمضيات قد يساعد في تخفيف النقص البروتيني المهم في عملية تخثر الدم التي يفتقدها المصابون بمرض نزف الدم الوراثي، فضلا عن أن الليمون مرطب للحرارة ومنقٍّ للدم.
وإن الألياف الموجود في البرتقال تفيد الجهاز الهضمي بزيادة حركة الأمعاء وبالتالي المساعدة على التخلص من الفضلات، وبالتالي مقاومة الإمساك الضار جدا بالصحة، غير ان الزيادة في الاستهلاك ضارة ويسبب عسر هضم ويحذر من إعطائه بكميات على مرضى القرحة والاثنا عشر نتيجة المادة الحمضية الأساسية من مكوناته، ويجب استشارة الطبيب والمختص في هذه الحالة.
كما أثبتت الدراسات أن وجود مواد كربوهيدراتية في قشور الليمون إضافة إلى مادة البكتين يجعله من المواد التي تمنع الإصابة بالتسمم الغذائي، لأنه يمنع نمو الجراثيم في الغذاء ويحافظ على البكتريا المفيدة بالجسم. كذلك فإنَّ البرتقال يقي من الحصوات الصفراوية، لان الحصوات الصفراوية التي تتجمع في كيس بين الكبد والأمعاء الدقيقة تنتج عن نوعية الأطعمة التي نتناولها فاكتشف الخبراء أن تناول عصير البرتقال يقلل إلى الثلث من مخاطر هذه الحصيات وتشكلها بطريقة تحلل الكولسترول إلى المادة الصفراوية مما يحول دون تشكيل هذه الحصيات.
واحتواء البرتقال على فيتامين (ج) أحد مضادات الأكسدة القوية يجعله مفيدا في المعالجة والوقاية من السرطانات، حيث إن الحمضيات تحمي الجسم بسبب خاصيتها المقاومة للتأكسد وتقويتها للجهاز المناعي.
وتبيّن أن البرتقال فيه أعلى نسبة من مضادات الأكسدة بالمقارنة مع أنواع الفواكه المختلفة وان به أكثر من 170 مادة كيميائية نباتية من بينها أكثر من 60 مادة ذات خاصية مقاومة للالتهابات والأورام والتجلطات الدموية.
وتقول الدراسات الحديثة: إن عصير البرتقال يحتوي على مواد لها خصائص مضادات الأكسدة والسرطان والفيروسات والحساسية والالتهابات. وجاء في دراسة أسترالية جديدة أن أكل برتقالة في اليوم يمكن أن يمنع الإصابة ببعض الأمراض السرطانية، وأكدت منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية، كما ان الحمضيات تقلص من مخاطر الإصابة بسرطان الفم والحنجرة والمعدة بنسبة حوالي 50 في المئة.
ويصنع من الليمون كريمات تفيد الجلد المتعب وتجميل الأيدي وتبيضها وزيادة نعومتها، كما ان الجلد الدهني والناشف يعالج بعصير الليمون فهو يقوي الجلد ويشفيه من الأمراض ويقتل الجراثيم التي تعيش في البشرة.
ومن الطرق المتبعة أن ينقع الليمون والبرتقال بعد غسله في ماء حار حوالي عشر ساعات ثم ترفع القشور ويغطس الوجه مدة في الماء، وهذه الطريقة أحسن من طريقة غلي القشور.
ومن المعروف علمياً أن كل ثلاث برتقالات تعادل من ناحية السعرات الحرارية موزة أو حبة مانجو! وتسمى الحمضيات أيضاً بـ«الموالح» ويقصد بها ثمار البرتقال والليمون والجريب فروت والأترج واليوسف أفندي. وهي فواكه شتوية تجمعها صفة العصيرية والحموضة التي مصدرها حامضا الستريك والاسكوربيك (فيتامين ج).
ويعتقد أن موطن الحمضيات الأصلي هو جنوب شرق آسيا ووجدت طريقها إلى أوروبا في القرن الثالث قبل الميلاد عندما احتل الإسكندر الأكبر غرب آسيا. وعرف البرتقال والليمون عند سكان موطن البحر المتوسط عند الفتوح الرومانية ومنه انتقل إلى أوروبا وأمريكا. وانتشر البرتقال بصورة كبيرة في أمريكا خصوصاً في ولايتي فلوردا وكليفورنيا، ومنها انتقل إلى أمريكا الجنوبية. وتُعدُّ البرازيل اليوم من كبريات الدول إنتاجاً للبرتقال وعصيره، كما تحتل دول جنوب أفريقيا واستراليا وفلسطين المراكز الأولى في إنتاج البرتقال. وكما هو معلوم فإنَّ لبرتقال يافا شهرته العالمية.
غادة بكر - أخصائية تغذية