في مؤخرة الطائرة المتجهة إلى (لارنكا)، وبين الكراسي المحشورة في (الدرجة الكوحيتي)، يُصر (طلال بك) على مواصلة حديثه، رغم أن المطبات (الشتوية) مخيفة، ليفضفض قائلاً: ابني الكبير (خلقان) بأميركا، وبنتي الصغيرة (انخلقت) بكندا!.
طبعاً - عين - على (النافذة) حتى لا ينكسر (جناح الطائرة) الذي يهتز بشدة، و- عين - على (منخار طلال) المليء بالشعر الأبيض، لأساله: ليش (كل هالشحططة) يامسيو؟! ناوي تنشئ (عصبة الأمم المتحدة) في بيتك؟! أنتم عرب، ليش ما تنجبون أولادكم في دياركم؟!.
المبرر الوحيد الذي ساقه طلال هو (كرمال الأولاد ياخيّ)، ما بدي يتعذبوا مثلنا، يدرسوا (هونيك) ويتعالجوا، والناس كلياتها بتحترمهن، يدخلوا على بلداننا بدون فيزة، ويقبضوا (مصاري منيحة) بالدولار، شو بدك أحسن من هيك؟!.
وسط صراخ (بعض الركاب)، وتصفيق (آخرين)، بسبب تحليق الطائرة وسط هذه الأجواء المناخية الصعبة، قلت أنت غلطان يا طلال! لأنك اتجهت نحو البلاد الخطأ، ألا تعرف أن التحليلات والتوقعات تقول إن المستقبل ليس (لأمريكا ولا الغرب)؟ إنه (للهند والصين)، فعندما يكبروا الأولاد، ربما تكون الظروف تغيرت؟!.
مباشرة تعدل (طلال) وأغلق النافذة حتى لا تُشغلني عنه، وقال: ياخيّ بنجيب لنا (حيالله صبي) بالهند، أو الصين، قولتك هيك (اضبط) ما؟!.
قلت له: أخاف ما تصدق التوقعات، ويتشحطط (ضناك الجديد) بين ملياري باحث عن (التعليم، والعمل، والعلاج)!.
قال شو بدنا نعمل، لازم حدا منهن (يأمن الثاني)؟!.
قلت له: فيه حدا (أمنك) من قبل؟ أتركها على الله!.
قال (والدموع في عينيه) - لا أدري بسبب التأثر، أم بسبب الخوف من وقوع الطائرة - بييّ أمن إخوتي الاثنين (بكندا) من 40 سنة، وماطلوا علينا بعدها ابدنا، عم بيتلفنوا كل (سنة) مرة!.
هبطت الطائرة، واختفى (مسيو طلال) فجأة عن أنظاري، وما فهمته أن (ابن خالته) يحمل الجنسية القُبرصية، وهو جاء ليسأله عن الإجراءات (للإقامة) هنا، من أجل مستقبل (أفضل)؟!.
الله يصلح الحال!.
وعلى دروب الخير نلتقي.