في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة في عهد الرئيس ريغان تحكم قبضتها على الفضاء وعلى الأرض وأعماق المحيطات، وفي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تحصل على نصيب الأسد من جوائز نوبل، يصدر في عام 1983 تقرير - معلن للعموم وغير سري- ينتقد بشدة الوضع المهترئ المتواضع الذي وصل إليه التعليم في الولايات المتحدة. كيف يمكن أن نوفّق بين كونهم يقفون حينها على هرم الحضارة وشكواهم وتذمرهم من تدني تعليمهم؟ أليس التعليم هو الذي أوصلهم إلى تلك المكانة الحضارية الرفيعة؟ صحيح أنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه بفضل تعليمهم، ولكنهم يعلمون يقيناً أن رحلة الهبوط أو السقوط سوف تبدأ بمجرد ظهور أول المؤشرات على تراجع وتدني مستوى التعليم. ولذا لم يكن مستغرباً أن يدق الرئيس ريغان جرس الخطر عندما بدى لهم أن تعليمهم ينزلق إلى الهاوية.
لا بد من القول هنا إنه ليس هناك محطة نهائية للتعليم، فالتعليم مهما كانت إنجازاته لن يصل إلى التعليم الحلم، فحركة العلم والحضارة لا تهدأ ولا تتوقف عند حد، التعليم الحلم يبقى مجرد هدف نعرف من خلاله مدى اقترابنا من طموحنا التعليمي الذي سيضيّق الفجوة بيننا وبين العالم المتطور، التحدى هنا هو قدرتنا على الاقتراب من التعليم الحلم وليس الوصول إليه، فالتعليم الحلم يبتعد عنا باستمرار بسبب التفجّر التقني المعرفي الهائل الذي يجتاح كوكبنا.