في الشارع السعودي أصبح عدد الذين يتحدثون (لوحدهم) ملحوظ، بإمكانك مشاهدة شخص يقود سيارته وهو يرفع يديه في نقاش حاد وساخن مع نفسه، يتحدث متقمصاً كل الأدوار، فهو يسأل ويجيب؟! ينظر بعينه ويتحدث بلسانه؟!.
ربما شجب - مع نفسه - تارة، تأخر أعمال الحفريات والصيانة في شارع حارتهم، وقد يكون اعترض تارة - مع نفسه - دون فائدة، على عدم اختياره ضمن المنتدبين في العمل بدلاً من (الكليشة المعتمدة) في معظم الوزارات ، ولربما ابتسم تارة - مع نفسه أيضاً - بسبب انهيار سوق الأسهم الأخير لأنه استفاد من درس 2006 ولم يدخل فيه، وحتماً سيكون هناك (ثرثارون جدد مع أنفسهم) في مجتمعنا، نتيجة مثل هذه المصائب؟!.
الثرثرة نتاج طبيعي للتنفيس عما يجول في الخاطر نتيجة ما يشاهد الإنسان يومياً في معترك حياته، فهي بديل (للانفجار النفسي) الذي يسبب مصاعب صحية، هناك (قنوات تلفزيونية) متخصصة في الثرثرة، وهناك برامج تلفزيونية يقدمها (ثرثارون محترفون)، لربما أن (الثرثرة علاج)، ولكن الأكيد أن الثرثرة (سمة تخلف)، لأنها نقيض العمل، فمن يتحدث كثيراً يعمل قليلاً!.
هيئة مكافحة الفساد المُبجلة - نفع الله بعملها - والذي أرجو أن يكون أكثر من - كلامها وتصريحات مسؤوليها - أدرجت الثرثرة بين الموظفين من الفساد الإداري الذي يجب القضاء عليه، ضمن مجموعة أو قائمة من التصرفات السلبية التي تصنف (كفساد إداري) متوعدة (الثرثارون) بالعقاب؟!.
هذا أمر جيد، فمحاربة الفساد الإداري والمكتبي بكل (أشكاله وأنواعه وصيغه) أمر تشكر عليه نزاهة، وخطوة في الطريق الصحيح لتوعية المجتمع، ومحاربة الظواهر الضارة فيه، و(نزاهة) أبخص بما يجب محاربته؟!.
وحتى نكون عادلين أكثر، ونرصد كل فساد مُضر، أقترح على نزاهة ضبط كل (مواطن يكلم نفسه)، أو (يثرثر مع ذاته) للتعرف على سبب هذه الثرثرة، التي بدأت تغزو شوارعنا، فسابقاً اقتصرت الثرثرة مع النفس على (متعاطي المخدرات) و(المتخلفين عقلياً)، والمرضى النفسانيين، أما اليوم فإنك تجد (رجلا عاقلا) يكلم نفسه هو يسير في الشارع، من هول ما يسمع ويشاهد؟!.
خلف قصة كل شخص - يكلم نفسه - فساد يا نزاهة؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.