تضخيم النتائج المالية لشركة موبايلي في عامي 2013 و2014 والمتزامن مع تعيين مراجع حسابات خارجي جديد للشركة هو برايس ووتر هاوس كوبرز PricewaterhouseCoopers، وكون هذه التجاوزات لم تكن لتكتشف لولا وقوف مراجع الحسابات الداخلي في الشركة ضدها، يستدعي تحقيقاً دقيقاً في دور مراجع الحسابات الخارجي للشركة في هذه القضية.
فبعض مراجعي الحسابات في المملكة يتعاملون مع المهام الملقاة عليهم بدرجة غير مقبولة من تدني المهنية والمسؤولية الأخلاقية في ظل غياب أي رقابة أو عقوبات رادعة، بحيث يجد مراجع الحسابات الخارجي أن مصلحته تُخدم دائماً من خلال إرضاء الإدارة التنفيذية للشركة التي يراجع حساباتها فتوصي باستمراره في هذه المهمة.. في المقابل، يحصل مسؤوليها التنفيذين على مكافأة أداء Bonuses متضخمة، فبقدر ما تتضخم أرقام أرباح الشركة بقدر ما تزيد المكافأة، وكل ما تحتاجه لتحقيق ذلك بطريقة غير شرعية هو مراجع حسابات خارجي لا يمانع في تمرير عمليات تجميل للنتائج المالية.
والكثير ممن يعملون في القطاع الخاص ويتعاملون بشكل مباشر مع مراجعي الحسابات الخارجيين يجدون في حالات كثيرة عدم استشعار من قبل الكثير منهم لأي رقابة ذاتية في أعمالهم وأنهم يبالغون في محاولتهم إرضاء الإدارات التنفيذية للشركات التي يراجعون حساباتها، بحيث يصبح دورهم في أحيان كثيرة أقرب للمزورين منه لمراجعي الحسابات. فمثلاً عندما يكون لدى الشركة مصروف استثنائي يمكن أن يؤثر على النتائج المالية في سنة ما، لا يتردد مسؤولوها التنفيذيون في الطلب من مراجع الحسابات الخارجي باقتراح معالجة محاسبية «احتيال محاسبي» تتيح لهم إخفاء هذا التأثير، ولن يجد مراجع الحسابات في معظم الحالات أي غضاضة في ذلك وسيقوم بالمهمة بشكل لا يتناسب مطلقاً مع المهنية والمسؤولية الأخلاقية الملقاة على عاتقه.
وأمام فضيحة مشابهة في عام 2001 في الولايات المتحدة عند اكتشاف تلاعب مماثل في النتائج المالية لشركة إنرون كان أول الضحايا ليس فقط الإدارة التنفيذية للشركة وإنما أيضاً مراجع حساباتها الخارجي، شركة آرثر أندرسون Arthur Anderson، حيث تمت إدانة شركة المراجعة الخارجية بخرق القواعد الأخلاقية في مراجعتها لحسابات شركة إنرون، فصدر قرار بحلها وألزمت بتسليم رخصتها المحاسبية للحكومة الأمريكية، ما أدى إلى إنهاء كامل أعمالها المحاسبية في الولايات المتحدة.
من ثم ففضيحة شركة موبايلي يجب أن يتم تسليط الضوء على مستوى الرقابة والعقوبات التي تفرض على مراجعي الحسابات في المملكة عند تقصيرهم في أداء مهامهم التي عهدت إليهم بها الجمعيات العمومية لمساهمي تلك الشركات وليس إداراتها التنفيذية، والهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين وهيئة السوق المالية بحاجة إلى مراجعة سريعة لدورهما الرقابي وضمان أن تكون العقوبات الموضوعة في أنظمتهما تمثل رادعاً حقيقياً للمراجع الخارجي عن التصرف بمستوى مهني متدني.
أيضاً فإن هناك عدداً من الإجراءات الحاسمة اللازم اتخاذها سريعاً لاستعادة الثقة في نتائج شركاتنا المالية وفي مستوى الرقابة في سوقنا المالية يأتي على رأسها التالية:
1 - التحقيق في دور مراجع الحسابات الخارجي في هذه الفضيحة، وإن ثبتت إدانته فيجب أن يتحمل مع الإدارة التنفيذية للشركة كامل الخسائر التي تعرض لها حملة أسهم الشركة جراء ذلك.
2 - يجب استعادة المكافآت التي حصل عليها كبار التنفيذيين في الشركة، كونها غير مستحقة في ظل الأداء المالي الحقيقي للشركة، مع إجبارهم على الاستقالة أو إقالتهم إن لم يبادروا بالقيام بذلك.
3 - يجب على هيئة السوق المالية إلغاء كافة صفقات التداول التي تمت على أسهم شركة موبايلي خلال الأسبوع الذي سبق إيقافها، فهناك مؤشرات قوية على أنه قد تكون هناك تداولات تمت بناء على معلومات داخلية، ومحاسبة من يكون نافذاً وفعل ذلك سواء في الإدارة التنفيذية أو في مجلس الإدارة.