النمو المفاجئ في حجم الاكتتاب في أسهم البنك الأهلي التجاري خلال الأربعة أيام الأخيرة من الاكتتاب بحيث ارتفعت نسبة التغطية من 50 % إلى 1600 %، من خلال تسهيلات صورية منحتها البنوك لبعض المستثمرين، يظهر أن هناك من يعتقد أنه يستطيع أن يؤثر على عملية التخصيص بحيث تتراجع هيئة السوق المالية عن أسلوب التخصيص وفق شرائح، وهي الطريقة التي يتم بموجبها تخصص 10 أسهم لجميع المكتتبين، ثم عشرة أسهم إضافية لكل من اكتتب بـ 20 سهماً أو أكثر، ثم 10 أسهم إضافية لكل من اكتتب بـ 30 سهماً أو أكثر، وتستمر هذه العملية بنفس الأسلوب إلى أن ينتهي تخصيص كامل أسهم الاكتتاب.
وأسلوب التخصيص وفق شرائح والذي طبقته هيئة السوق المالية بدءاً من اكتتاب بنك الإنماء حقق عدالة وتفضيلاً واضحاً لصغار المكتتبين وحماهم من التسهيلات البنكية الوهمية التي كانت تغريهم بها البنوك فتزيد من تكلفة الاكتتابات عليهم دون مبرر.
وكان كل هذا قد انتهى منذ اكتتاب بنك الإنماء وبدء تطبيق التخصيص بأسلوب الشرائح، فغابت التسهيلات البنكية الصورية في ظل العدالة المتحققة وفق أسلوب الشرائح، الذي ضمن تخصيصاً عادلاً للمكتتبين بمبالغ محدودة.
إقدام عدد من المستثمرين على الاكتتاب بمبالغ ضخمة جداً في الأربعة الأيام الأخيرة من اكتتاب البنك الأهلي من خلال تسهيلات بنكية هائلة إما أن يكون تصرفاً غير مبرر إن كانت الهيئة ستستمر في مراعاة العدالة في عملية تخصيص الاكتتابات الأولية في سوقنا المالية بتطبيقها أسلوب الشرائح في عملية التخصيص، أو أنه ناتج، وهذا هو الأخطر، عن يقين لدى هؤلاء المستثمرين بأن أسلوب التخصيص سيُغيّر بما يخدم مصالحهم على حساب صغار المكتتبين من خلال العودة إلى أسلوب النسبة والتناسب السابق، حتى ولو طبق هذا الأسلوب على جزء من أسهم الاكتتاب وليس جميعها، فهذا سيحقق لهم مكاسب مالية هائلة من هذه المغامرة.
ما تعانيه سوقنا المالية من افتقار للشفافية ومخالفات في التعاملات في وقت تسعى فيه للانفتاح على الأسواق العالمية من خلال الدخول المرتقب للأجانب في منتصف العام القادم وأملنا في أن ننجح مستقبلاً في الدخول في مؤشر الأسواق الناشئة.
وهيئة السوق في هذا الاكتتاب أمام اختبار حقيقي يكشف مدى قدرتها على ضمان شفافية وعدالة هذا الاكتتاب، من خلال تطبيقها لأسلوب الشرائح على كامل عملية تخصيص أسهم البنك الأهلي التجاري، ما يخدم مستقبل السوق ومصلحة عموم المتعاملين، لا مصلحة قلة تظن أنها قادرة على فرض مصالحها فيه.