تعرض سوق الأسهم السعودية خلال الأسبوع الماضي لأعنف هبوط أسبوعي يشهده منذ سبع سنوات تقريباً وذلك نتيجة لمجموعة من العوامل التي أثرت عليه دفعة واحدة ومن أهمها: ارتفاع المخاطر الجيوسياسية في المنطقة بسبب الحرب على داعش وسيطرة الحوثيين على اليمن الشقيق، والهبوط القوي والخاطف لأسعار النفط، وهبوط الأسواق المالية العالمية، وارتفاع الدولار الأمريكي أمام العملات العالمية، وتحذيرات صندوق النقد الدولي من تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي، إضافة إلى بدء الاكتتاب الأكبر في تاريخ السوق السعودية والمتمثل في الاكتتاب على أسهم البنك الأهلي التجاري.
لا شك أن أهم هذه العوامل المؤثرة كان هبوط أسعار النفط وهذا طبيعي، إلا أن الملفت أن هبوط سوق الأسهم السعودية أتى بنسبة مقاربة تتماشى كثيراً مع نسبة هبوط أسعار النفط مما يدل على وجود احتمال كبير لانحسار موجة هبوط الأسهم اعتباراً من هذا الأسبوع بشرط ألا تواصل أسعار النفط هبوطها مستقبلاً آخذين في الحسبان اختلاف الظروف الحالية (مثل أسعار الفائدة ومستويات تقييم الأسهم ونمو أرباح الشركات) وبشكل كبير عن التصحيح العنيف الذي شهده السوق السعودية عام 2006م وكذلك عدم وجود أزمة مالية عالمية كالتي حدثت بسبب المشتقات المالية وإفلاس المصارف وأثرت على الأسواق المالية العالمية عام 2008م.
لذلك نستطيع القول إننا حتى الآن لم نشهد أزمة بينما لا تزال أساسيات الاقتصاد والأسواق المالية حول العالم (بما فيها المملكة) جيدة ومشجعة، ويبدو لنا أن موجة الهبوط التي عمت الأسواق مؤخراً كانت نتيجة طبيعية للعوامل أعلاه إضافة للارتفاعات القوية التي عمت الأسواق في السنوات الأخيرة دون أي تصحيح. المهم أن متوسط العائد على الأسهم حول العالم (بما فيها المملكة) والذي يتجاوز حالياً نسبة 5% لا يزال أعلى وبكثير من متوسط العائد على أدوات الدخل الثابت الذي يقل عن 3% ومن متوسط أسعار الفائدة التي تقل عن 1%، و هذه نقطة جوهرية حتماً ستعيد الثقة إلى أسواق الأسهم ولكن بشكل تدريجي وبطيء وربما ممل جداً في ظل عدم وضوح الرؤية مؤقتاً.
بالنسبة للسوق السعودية، فالنتائج الملموسة للتباطؤ المتوقع في النمو الاقتصادي والموازنة المالية وأرباح الشركات إلى جانب الصورة التي ستكون عليها هذه المؤشرات مستقبلاً ستظهر بوضوح مع انتهاء عام 2014م وبالتالي فإننا خلال الشهور القادمة ربما نشهد تحركات أفقية، إلا أنه مع إقرار فتح السوق أمام المؤسسات المالية الأجنبية والتحسن المتوقع لنمو الاقتصاد العالمي (وتحديداً الدول الناشئة التي ستستفيد من انخفاض أسعار الطاقة) خلال 2015م، فهناك احتمالات كبيرة أن تعود السوق للمسار الصاعد وربما اختبار مستويات عليا جديدة بشرط أن تحصل على ترقيتها إلى سوق موازية في مايو القادم وهذا كفيل بعودة قوية جداً لعمليات الشراء بغض النظر عن الظروف السياسية أو الاقتصادية.