حين يزخ المطر... ثم يتمادى..
تراودني مشاعر بتولية مفعمة.. وباذخة..
بيدها الخفية تسجل النبض معزوفات غنية بالنعيم.. والبهاء..
فأعاود حالة من التنفس العميق.. العميق... العميق....
معه اكتب شعرا..
أتشاغب مع ورقي وقلمي..
وتارة أجري كالطفلة في المطر..
أترك خلفي في أحد زوايا الذاكرة ما مر من عمري..
أتخيلني ألبس قبعة الشتاء في الثلج.. حين كنا نبترد في صقيع الطائف.. وتتكسر فينا شظايا الدفء..
أتخيلني أكر مع الخيل في البراري الفسيحة حيث انعكاسات فضة القمر.. والهواء يوخزنا بلسع الصقيع...
أتخيلني أسافر في الليل معها.. هي وحدها.. وحدها أمي..
نوارة التي كانت تجعل من ظهر كفها وهي تقبض أصابعها دفَّا تقرع عليها بأصابع كفها الثانية وهج فرحتها بالشتاء..
تحديدا عندما يزخ المطر..,
تشحذُ جذوةَ الحطب لتشوي لنا الكستناء..،
تعبق رائحة السمر في حديقة الدار..، تحت شجيرات الجوافة، والسنديان، والليمون، والموز..!
جوار الفاغية,والورد,والفل، والياسمين..
وذلك الشلال الممتزج بمنهدر المطر..!
هذا المطر الموسمي فوق ثرى مكة..
يسَّاقط من فضائها النوراني..،
يغمر جبالها المتاخمة لبيتنا..، فتتدرج من عليِّها لأدناها شلالاته..،
سحائب تجرف كل ما علق بالنفس من هموم..!!
وتكتسي كلُّ مسامات الروح عذوبة الفضة في فضائها الرحيب..!!
فضاء نوَّارة الذهني، والنفسي، البالغ مداه في البهجة..،
والدهشة..!!
مكة الآن تمطر..
وتلك المخيلة تحضر بهية متدفقة..،
والذاكرة تصطخب..
يمتزج الدمع بالمطر..!!