الناظر في أحوال الناس يلحظ عدم الاكتراث بأهمية الوقت لذا تجد فكراً سطحياً وإنتاجية ضعيفة فأين نحن من ابن عقيل -رحمه الله- والذي ألفّ كتاب الفنون في 850 مجلد وابن جرير الذي كان يكتب كل يوم 40 صفحة تأليفاً؟!
وكان محمد بن الحسن لا ينام الليل، وكان يضع عنده كتباً، فإذا مل من نوع نظر في آخر، وكان يزيل نومه بالماء
وجاء في «سير أعلام النبلاء» في ترجمة الإمام أبي حاتم:
قال ابنه عنه: أنه كان يأكل واقرأ عليه ويمشي واقرأ عليه ويدخل الخلاء واقرأ عليه!
ومن آثار عدم الاكتراث بالوقت هو الشعور بالقلق والإحساس بالضآلة والتعاسة وقد أكدت الدراسات على أن الإنسان الذي يستغل وقته يكون أكثر سعادة من الذين يضيعون أوقاتهم! فالسعادة مرتبطة بما يقدمه المرء من أعمال نافعة, والمتأمل في حال البشر يرى أن معظمهم غير راضين عن حياتهم وواقعهم بسبب عدم معرفتهم لأهمية الوقت وبالتالي عدم استثماره، وهذا ما يسبب لهم الكثير من الاضطرابات النفسية، فعلماء النفس يؤكدون على أن معظم الأمراض النفسية تنشأ نتيجة عدم الرضا عن الواقع.
والكثير من الناس يشكو من ضياع الوقت أو ضيقه وربما كان هذا تبريراً لضعف الإنتاجية وربما ظن البعض أن من حوله هم السبب في ضياع وقته ولكن الحقيقة أن طريقة إدارة الحياة هي المتهم الأول في هذه القضية وقد رصدت لك جملة من التوجيهات والتي تعينك على الاستفادة من الوقت على نحو فعال وهي:
1- لا تعل من مستوى التوقعات والمعايير فلا تنشد إنجاز أكبر قدر من المهمات بأعلى مستوى من الجودة وهذا مما تفنى الأعمار دونه وهنا عليك أن تكون منطقياً فأنت تعيش ضمن وسط غير كامل فلا تنشد حلولاً كاملة.
2- رتب أولوياتك فربما انشغلت بمهمة صغيرة لا تشكل أهمية قصوى في يومك وإذا بها تجهز على وقتك, لذا لابد أن تعمل بنظام الأهم أولاً! فاعزم على أن تبدأ بالأمور المهمة مهما كان حجم صعوبتها ومهما كان ضغط إغراء الأمور الأقل أهمية ومن هذا أيضاً ضرورة الاتزان وتوزيع الوقت بين العمل والمنزل والصحة والنفس والعائلة «فأعط كل ذي حق حقه».
3- يبقى عقلك ذو مساحة محدودة، فلا تملأه بالاهتمامات الصغيرة وبالأفكار التافهة، بل لا تسمح لأي معلومة سيئة ضارة أن تدخل وتستقر في دماغك لأنها ستشوش عليك وتضيع وقتك.
4- كن واقعياً في تحديد أهدافك ولا تبالغ في رسم أهداف تتجاوز إمكانياتك أو تفوق قدراتك فعندما تفعل ستكون النتيجة إجهاد مستمر وتوتر وضغط نفسي مؤذ, ارسم أهدافاً طموحة لا خيالية وعليك بتجزئتها ضمن خطة زمنية معقولة وهنا أضمن لك تحقيق كل ما تصبو إليه.
5- اجعل لك وقتاً في يومك للنت ولمواقع التواصل الاجتماعي لأنها سارقة الأولى وكن حازماً مع نفسك في هذا الشأن.
6- رتب مكتبك وغرفتك وسيارتك ولا تزعج نفسك بكثرة الورق والملفات والملزمات من حولك, احتفظ بما تحتاج وألق بالباقي في سلة المهملات.
7- تخلص من جميع المهام المعلقة فعدم إنجازها يضغط عليك كثيراً ويستنزف طاقتك وفي المقابل ستنعم بمشاعر الإنجاز عند الانتهاء وستمدك بطاقة لإنجاز مهام أكبر.
8- احرص على ما يسمى بـ»مبدأ الفصل» أي أن تفصل القضايا التي تشغل تفكيرك وتجزئها، وتعالج كل قضية على حدة، فلا تطغى هذه على تلك.
9- فوض وكلف آخرين بالعمل كلما أمكن ثم داوم على المتابعة للتأكد أنهم على الطريق الصحيح وفي الوقت المحدد فتوظيف طاقات الآخرين يمكن أن يكون عوناً كبيراً خاصة إذا ما زودوا بالتوجيهات والتدريبات الكافية.
10- اقتن من الإجهزة ما يعينك على أداء مهامك كأجهزة الحاسوب أو الطابعات أو الأجهزة المنزلية واحرص على أكثرها كفاءة وجودة واحرص على أن تنمي مهاراتك في الطباعة والتلخيص والتعرف على التطبيقات المعينة في الهواتف الذكية.
11- إن طلبك أحد الذين يطيلون الحديث فاطلب منه أن تزوره أنت أو أن تتصل عليه حتى تكون أنت المتحكم بالزيارة أو الاتصال.
12- قبل النوم حاول أن تفكر ماذا يجب أن تنجز في اليوم التالي.. وبعد الاستيقاظ حاول أن تفكر فيما ستحققه في يومك هذا.. إذا بقيت دون خطة اجتثك الآخرون وبقيت تخدم أهدافهم وأولوياتهم وتعيش في فلكهم،
13- لا تهدر وقتك في الانتظار فقبل أن تذهب لحلاق اتصل عليه وخذ موعد وقبل الذهاب للمطعم اتصل عليه لتجهيز الطلب ومثله الطبيب وغيره ومن هذا أيضاً اعتن بالاستفادة من من الوقت الضائع كوقت انتظار الطائرة أو طبيب الأسنان ولا تتعامل مع الطبيب الذي لا يعطيك موعداً مسبقاً محدداً، واستفد من خدة التوصيل.
14- كافئ نفسك عندما تنجز بوجبة أو بهدية وبسفرة حال كان الإنجاز كبيراً.
ومضة قلم:
الذي يسيء استخدام الوقت هو من يشتكي من قصره!.