لا يخالجني أدنى شك، بأنّ الاتفاقية التي تمت بين جماعة الحوثيين، والرئاسة اليمنية، وبرعاية المبعوث الأممي الدولي، ستمنح الحوثيين الكثير من النفوذ، وذلك وفق شرعية الأمر الواقع الذي وصلوا إليه، - خصوصاً - بعد تراجع ملف خيارات السلام في اليمن، مقابل ازدياد واضح لمؤشرات العنف، وبوتيرة متصاعدة.
اليوم، وفي ظل غياب الدولة، وضعف أدائها، فإنّ النتيجة الظاهرة قد تبدو مخيفة، ومعادلاتها مختلة، وهو ما أشار إليه تقرير صادر عن مركز أبعاد للدراسات، والبحوث، إلى وجود تحركات ؛ لإسقاط الدولة من قِبل بعض جماعات العنف، وذلك من خلال سيناريوهات متعددة، أهمها : سيناريو إسقاط العاصمة مباشرة، وفرض واقع بقوة السلاح، - لاسيما - وقد شرع الحوثيون للتخطيط ؛ لإسقاط العاصمة ، وقسّموها إلى مربعات أمنية ، وأقاموا نقاط تفتيش يزداد عددها يوماً بعد يوم، كلما زاد معدل تخزين السلاح، وتجنيد مسلحين جدد، وزيادة مساحة التواجد. كما أشار التقرير، إلى احتمالية انزلاق اليمن في حرب أهلية، قد تؤدي إلى تمزق البلاد، في حال إسقاط جماعات العنف للعاصمة، كصورة لما تبقى من دولة.
من جانب آخر، فإنّ التحالف الإقليمي - الفارسي الأمريكي -، تم تحديده مسبقاً، وبالاتفاق بين أطراف اللعبة ؛ لاجتياح صنعاء، والعمل على تفكيك القوة القبلية الأكثر تماسكاً، - إضافة - إلى إضعاف بعض الأحزاب السياسية، باعتبارها قوى سياسية نافذة في تلك المناطق، - وعليه - فإنّ الحديث عن استخدام قوة الفصل السابع، من خلال عملية عسكرية، وفي إطار تحالف دولي ضد مواقع القاعدة، والحوثيين ؛ لمنع انهيار البلد, أصبح غير ذي أهمية .
إنّ الإسراع في إجراءات فرض تطبيق مخرجات الحوار الوطني، والمسنود بدعم لا محدود - محلياً وإقليمياً ودولياً -، لن يكون له قيمة في المرحلة القادمة، بعد أن أضعفت قوى سياسية، واجتماعية، كانت نافذة في الدولة. وفي المقابل، تم فسح المجال لجماعات مسلحة، لم تندمج في العمل السياسي . ويبدو أنّ الحديث عن ضرورة الدخول في مصالحة وطنية شاملة، سيكون ضرباً من الخيال ؛ لأنّ جماعة الحوثي تسير في اتجاه تصفية خصومها، وفرض توجهاتها، مع رفضها تسليم كافة الأسلحة المتوسطة، والثقيلة إلى الأجهزة الأمنية الشرعية للدولة؛ ولأنّ الأوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات، فإنّ اليمن قد يكون على أعتاب مرحلة الحروب الأهلية، والفوضى القادمة، وتشكيل ميليشيات قبلية مناوئة للاحتلال الحوثي لصنعاء.