يجمع العالم على خطر الدولة الإسلامية المزعومة «داعش»؛ ولأن المجتمع الدولي لم يحرك ساكنا ضد التنظيم الإرهابي، فإن اتفاق خمس دول عربية - أعضاء في مجموعة الاتصال الدولية المعنية بالشأن السوري -، في مقدمتها السعودية، على ضرورة التنسيق الكامل بين الأجهزة الأمنية الداخلية؛ لمواجهة نمو تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وسوريا، والمسمى بـ«داعش»، - إضافة - إلى تصحيح صورة الإسلام، ورفض أعمال هذه التنظيمات الإرهابية، يؤكد على أن المواجهة الشاملة لا بد أن تنطلق من إرادة سياسية، تتصدى للدول التي تدعمه؛ من أجل تجفيف منابع هذا التنظيم الإرهابي، الذي بات يشكل - اليوم - خطرا أمنيا، وإقليميا، زاد من حجم تهديدها خارج حدودها.
لن نتجاهل ثقل وطأة الأحداث، فتنظيم داعش ليس بمعزل عن أثر مموليه، وسياسة الأعداء في تشكيله، إذ إن إنتاجه، وتشكيله كان مسؤولية بعض أنظمة المنطقة، ولم يكن مفاجئا؛ من أجل تفريخ أعداء منفرين لصورة الإسلام الحقيقية. بل إن الإسلام بريء عن انتاج نهج كداعش، الذي شوه الدين، ودمر البلاد، وسفك دماء العباد. بل وسعت إلى تقويض الأمن، والاستقرار في المنطقة، - تارة - باسم الإسلام، - وتارة - باسم الجهاد، والشعارات الكاذبة.
إن الغوص عمقا في صلب الفكر الداعشي، والبحث عن جوهر المشكلة، ومحاصرة الظهير السياسي الذي يناصرها، بعد أن أنتج تطرفا سنيا في المنطقة حق مشروع.
مع أن خطابها الديني لم يتفوق على مضمونها بأدواته البليدة، ولا حتى خطابها المدني استطاع أن يوجد دليلا في الحياة المدنية، - باعتبار - أن إرهابها لا فكر يستوعبه، ولا دين يسنده، ولا إنسانية تدعمه؛ ليتجاوز أدبيات الفكر التكفيري السابق عليها، ومن ذلك على سبيل المثال : نقل التكفير من الأفعال إلى الانتماء.
من العقل ألا ينحصر أداؤنا في استنساخ الواقع ذاته، الذي سهل ولادة هكذا تنظيم إرهابي، دون إخضاعه للفكر النقدي للذات، - وأيضا - للواقع الذي أنتجه هذا الذات، دون مواربة في إدانتهم. كما أن حماية المنطقة من هذا الخطر بكل صوره، وأشكاله، وأدواته، والوقوف أمام كل حركة جاذبة للتحركات الجهادية المشوهة - الصورة المعنى -، يتطلب حراكا سياسيا فاعلا؛ لتجفيف مصادر تمويله، وتحويله إلى دوائر منعزلة، بعيدا عن مظلة قيادية المركزية، وقطعا لتعاملها مع كيانات مختلفة، ربما لم ترتبط به على مستوى التنظيم يوما.