لا يشك عاقل، أن إرهاب النظام السوري هو الذي ولّد إرهاب تنظيم داعش، وأخواتها، بمساعدة مخابرات إقليميَّة، ودوليَّة، - إضافة - إلى خلق إمارات إسلاميَّة، وأخرى تابعة للقاعدة، لا علاقة لها بالنوع الإِنساني، وقيمه.
وبعبارة أخرى فإن النظام السوري هو من ساهم في خلق التطرف، والإرهاب في المنطقة. ويحضرني في هذا المقام، إعلان نظام الأسد -قبل أيام- استعداده للتعاون مع أيّ جهة كانت، بما فيها الدول الغربية؛ للتصدي لتنظيم داعش، بل وتوجيه ضربات له داخل الأراضي السورية، شرط التنسيق معه. مع أن البداية الصحيحة لمكافحة الإرهاب، تقتضي إسقاط النظام الطائفي الإرهابي؛ لتشمل بعد ذلك جميع أقطاب الإرهاب في المنطقة.
يتناغم النظام السوري مع شعار «لا للتدخل العسكري الأجنبي»، دون التنسيق معه، وهو الذي سحق الشعب السوري بمزيد من القتل، والقمع، وذلك عبر استخدام البراميل المتفجرة، والصواريخ الباليستية، والقنابل العنقودية، والأسلحة الكيماوية ضد شعب أعزل، ومع هذا يريد أن يبرهن للعالم أجمع، أنه مستهدف بمؤامرة كونية تحت مسمى «الإرهاب»، كونه أحد آخر معاقل الممانعة، والمقاومة في المنطقة، وبالتالي العمل على إعادة تأهيله، واكتساب شرعية عبر استجداء الغرب؛ لضمان تأمين عمقها الإستراتيجية، ودعمها لوجستيًا، والحفاظ على ميزان القوى في المنطقة.
في خضم لغة العنف، فإنَّ المبدأ الأساس لرفض هذا التحالف في أدبيات النظام، هو ضرورة البقاء على الفوضى الخلاقة في المنطقة، ومباركة السعار الطائفي المجنون؛ لتأكل الأخضر، واليابس. وهذا ما يجعلنا نؤكد، على أن مشروعية النظام السوري تكمن في كونه عدوانيًّا بطبيعته، واعتداءاته الوحشية اليومية أكبر شاهد على ذلك. وأن التناغم بينه، وبين سيطرة تنظيم داعش على مساحات واسعة من الأراضي المحررة، التي انتقلت إلى مرحلة جديدة، كما يعبر عنها الأستاذ عبدالباسط سيدا، هو أن المعارضة المعتدلة لم يعد لها أيّ دور فاعل، إن لم نقل لم يعد لها أيّ وجود. وهذا مآله وضع المجتمع الدولي أمام اختيارين سيئين، ودفعه نحو اختيار الأقل سوءًا: إما الطاغية، أو الإرهاب.
ومن الواضح أن الهدف الأساس من هذا الطرح، هو إعطاء النظام دورًا مع، أو من دون بشار الأسد في عملية مواجهة الإرهاب، الذي يعلم الجميع كيف صُنع، وروّج، ولماذا استفحل؟
لا يمكن محاربة الإرهاب من دون محاربة شروط ولادته، والمقدمات التي قادت إليه، بوصفها نتيجة لا سببا.
وعليه فإن التحالف مع النظام السوري يُعدُّ خطًا أحمر، باعتباره يتحمل مسؤولية الإرهاب، الذي يمارسه ضد شعبه الأعزل، إضافة إلى امتداده في المنطقة، وتشكيله خطرًا مستقبليا عليها.
وفي المقابل سيشمل الجهد الدولي في مكافحة إرهاب داعش، ودعم المعارضة السورية المعتدلة، التي تخوض الحرب الأشد ضراوة ضد النظام، وأدواته الإرهابيَّة.