عندما يجتث المفتي فكر الإرهاب

بمثل ما لسماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ مفتي عام المملكة ورأيه مكانة وتقدير، فإن لكلمته التي بثتها وكالة «واس» - قبل أيام -، تأكيداً على إعادة الإسلام من خاطفيه، وتنقيته من الأعمال، والشبهات التي ألصقت به ظلما، وبهتانا.

بل إنني أدين الله، أن تلك الكلمة الضافية تعتبر جهدا كبيرا، وجهادا واسعا ميدانه، عندما أعلن، بأن: «هذه الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام، ولا على أهله المتمسكين بهديه، بل هي امتداد للخوارج، الذين هم أول فرقة مرقت من الدين؛ بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب، فاستحلت دماءهم، وأموالهم».

إن اقتداء الناس بالعالم الحق، الذي يدور مع الحق حيثما دار، لا يقلقه أوضار المبطلين. بل هو أسرع في التأثير، وفي تحقيق النتيجة المرجوة ؛ نتيجة شعور الناس بأن العلماء هم المرجع في بيان الحق، كونهم محل ثقتهم، وموطنا لنزع الخلاف، ودحض الشر، وبيان الخير في رعاية ثوابت الأمة، وهي ثوابت الإسلام التي لا يجوز أن تمس بتغيير، ولا تبديل.

ثم إن قول الحق طريق المجتمع نحو التقدم؛ لأن هذا الدين وحدة متكاملة، لا تقبل أنصاف الحلول، والله يريد أن يطبق شرعه كاملا غير منقوص ؛ اقتداء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والرسل من قبله.

وخلاف ذلك سبيل نحو التخبط في فوضى التدين، والغرق في أوحال الجاهلية، - وبالتالي - تصدي أهل الجهالة عندما يغيب أهل العلم عن تصدر المشهد العام، وستقع الأمة في الضلال، والفتن، والبدع، إذا لم يقدها علماؤها الربانيون.

ولأن الله جعل لأهل العلم من الخير، والفضل، والمنقبة في الدنيا، والآخرة ما لا يخفى، فجعلهم في المقام المحمود عنده، فإن تصديهم للتيارات الجارفة بالأمة نحو الهلاك حق مشروع، - ومثله - قيادة الأمة إلى بر الأمان على مر الأزمان، - خصوصا - في حال الفتنة، واضطراب الأحوال، وحدوث النوازل؛ ليستقيم حال الأمة على نهج الإسلام العظيم.

بقي أن يقال: إن ائتلاف الأمة مقصد عظيم، أمر الله بحفظه، ولا يكون الأمر كذلك إلا باستنباط المعاني، والأحكام من كتاب الله، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والرد على كل افتراء، وتحريف لمعانيهما.

وهذا المعنى يُحمل علماءنا الأفاضل مسؤولية عظيمة؛ لأنهم وحدهم يملكون مصدر الحق الإلهي، وبيان كل مصلحة معتبرة، يجب جلبها للأمة، وحمايتها من الضياع بعد تحققها لهم، - وفي المقابل - بيان كل مفسدة يجب درؤها عنهم، أو رفعها بعد نزولها بهم.