منذ أن بدأت الغارات الجوية على مقار تنظيم داعش في سوريا، واليمين الأمريكي المتطرف يعيش في أزمة، فقد كان هذا اليمين يقتات على السخرية من أوباما، وسخريته ليس مردها ضعف أوباما، وتردده، وهي حقيقة إلى ما قبل ضرب داعش، وإنما مرد هذه السخرية هي العنصرية، والاعتراض على انتخاب رئيس لأقوى قوة عالمية من أصول أفريقية، ولنتذكر ما فعله هذا الإعلام الأمريكي اليميني ضد أوباما، على مدى سنوات، وذلك منذ أن نشرت قناة فوكس العنصرية، بعد فوز أوباما بالرئاسة، في 2008، صورة للرئيس التاريخي، ابراهام لينكولن، وذلك بعد أن حولت لونه إلى الأسود!!، وهذا أقصى انحطاط يمكن أن يصل إليه أي إعلام متحيّز.
عندما ألقى أوباما كلمته التي شرح فيها استراتيجيته لمواجهة داعش، هاجمه الإعلام المحافظ، وذلك لأنه قال إنّ داعش ليس تنظيماً إسلامياً، وإنها تقتل المسلمين، فهذا النوع من الحديث العقلاني، والذي يبدع فيه أوباما بشكل خاص، لا يروق للمحافظين، وكان مصدر اعتراضهم أنه كان يتوجب على أوباما أن يقول إنّ داعش تنظيم إسلامي، وحجتهم في ذلك هي أنّ التنظيم يسمي نفسه بهذا الاسم !!، وعلى أي حال، فإنّ هناك توجهاً لدى الساسة الغربيين، وفي الإعلام الغربي، لتسمية التنظيم، من الآن فصاعداً، باسمه العربي :» داعش»، وذلك بدلاً من «ايسس»، لأنّ الاسم الأخير هو اختصار : « الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وهذا يحقق رغبة التنظيم بتسميته بالاسم الذي يريد، بينما كلمة « داعش» تعتبر كلمة لا معنى لها في اللغة الإنجليزية، وإنما ستدخل القاموس الإنجليزي ككلمة إنجليزية جديدة، كاسم لتنظيم إرهابي عالمي جديد، وذلك كما دخلت الكلمة العربية « انتفاضة « للقاموس الإنجليزي، قبل ذلك، لتعني «الثورة»، وهكذا هي اللغات الحية التي لا تجد غضاضة في استعارة الكلمات من أي لغة، طالما أنها ستضيف جديداً .
كان اليمين الأمريكي يتمنى أن يستمر أوباما في تردده، لأنّ ذلك يتيح له مادة دسمة يتمتع بها جمهوره، والذي لا زال يعيش فيما قبل ثورة الحقوق المدنية، وكان يتمنى أن لا يكون هناك تحالف دولي، وأن لا تشارك المملكة العربية السعودية فيه، لأنّ هذا الإعلام كان يحاول قدر المستطاع، ومنذ بروز داعش ، أن يربط بينها، وبين المملكة، ولكن ضربات التحالف الدولي لداعش ألجمتهم، وأجبرتهم على أن يتحدثوا عن مشاركة المملكة ، وهو الأمر الذي يثبت أنّ المملكة كانت دوماً، ولا تزال، أحرص على محاربة الإرهاب من أمريكا نفسها، إذ إنّ أمر مكافحة الإرهاب كان الشغل الشاغل لخادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، منذ أكثر من عقد، والحقيقة أنّ مشاهدة مذيعي القنوات المحافظة خلال هذه الأيام أصبح أمراً ممتعاً، فهم لا يستطيعون انتقاد أوباما، ولا مواصلة الزعم بوجود صلة من أي نوع بين داعش، والمملكة، خصوصاً بعد أن انتشرت صور صقورنا البواسل، والذين شاركوا بضرب تنظيم داعش الإرهابي، غير آبهين بتهديدات التنظيم، خصوصاً وأنّ أحدهم هو نجل سمو ولي العهد، ووزير الدفاع السعودي، الأمير الطيار خالد بن سلمان بن عبد العزيز، ويحق لطيارينا الشباب أن يفخروا، فهم ينفذون إرادة حكومة المملكة، وأعضاء هيئة كبار العلماء فيها، والذين جرموا تنظيم داعش، ورغبة الشعب السعودي بكل أطيافه!.