ربما تكون قضية لمِّ الشمل واحدةً من أكثر القضايا جلباً للصداع النصفي للدوائر الحكومية، لكنها في نفس الوقت الأكثر جلباً للصداع الكلي للمتضرّرين من عدم التجاوب الرسمي لها. لا أحد يستطيع أن يعيش بعيداً عن عائلته. وإذا استطاع أن يحتمل لفترة ما، فإنه لن يستطيع ذلك العمر كله، وإذا أجبر على هذا الأمر، فإن إنتاجيته ستكون محدودة، إن لم تكن معدومة.
إن من يطلع على بعض المعاملات التي يقدّمها المتضرّرون من تفريق الشمل الحكومي، سيصعق من كمية الاستجداء المكتوب فيها. وبعضها يشير إلى توجيهات الملك باتخاذ أسرع الإجراءات للم الشمل لكي يضع المسئولين أمام التزاماتهم بواجباتهم، ولكن لا شيء يحدث، وهو ما يجعل المتضرّرين يصرخون بأعلى أصواتهم، أن لا احترام لتوجيهات القيادة ولا احترام لمشاعر الموظفين والموظفات المتفرّقين في سبيل خدمة الدولة.
في وسائل الإعلام، نتابع تصريحات المسئولين في وزارة التربية والتعليم وفي وزارة الشئون الاجتماعية، وفي غيرها من القطاعات التي يمكن أن يعمل فيها زوجان في منطقتين متباعدتين، والتي تؤكّد أن الأولوية للم شمل الزوجين، لما في ذلك من مراعاة لظروف مواطنينا، تنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين. وفي واقع الأمر، فإن معظم معاملات لم الشمل، تنتهي إلى «الحفظ»، مع ملاحظة بأن الذي يحفظ مثل تلك المعاملات، لو يتأخر عن عائلته دقائق، لانخلع قلبه!!