فيما انتشرت تعزيزات أمنية وعسكرية ضخمة في شوارع العاصمة تونس تحسباً لوقوع أية أحداث إرهابية يوم أمس الموافق لـ11 من سبتمبر، عاد الهدوء ليسيطر على أحد أحياء مدينة دوز صباح أمس بعد ليلة دامية عاشها السكان على خلفية مواجهات عنيفة جرت لمدة ساعات طويلة بين وحدات أمنية ومجموعة كبيرة من المتشددين دينياً حاولت عناصرها اقتحام مركز أمني يقبع به أحد المنتمين إليها ألقى الأمن القبض عليه بعد صدور عدة بطاقات تفتيش بحقه.
والغريب أن الجماعة المتشددة كانت مسلحة حيث استعملت في هجومها على مركز الأمن زجاجات «المولوتوف» الحارقة وبنادق صيد أطلقت منها أعيرة نارية أصابت عدداً من أعوان الأمن بجروح خطيرة بالرغم من القنابل المسيلة للدموع التي أطلقها الأعوان بكثافة في محاولة منهم لإثناء المجموعة عما عزمت عليه.. كما تم إيقاف أكثر من 20 من العناصر المتشددة وجهت إليهم تهم مختلفة في انتظار استكمال الأبحاث.
من جهة أخرى، ازدادت علاقة حكومة المهدي جمعة باتحاد الشغل تدهوراً خصوصاً بعد تنفيذ اليوم الأول من إضراب موظفي المستشفيات من إطارات طبية وشبه طبية وإدارية أمس بالرغم من دعوات وزارة الصحة موظفيها إلى الانضباط والالتزام في أداء مهامهم.
وكان اتحاد الشغل الذي يمارس ضغوطاً منذ الثورة على كل حكومة مؤقتة تسلمت السلطة والذي ما انفك يقود الإضرابات المضرة بالاقتصاد التونسي العليل، جدّد تمسّكه بالمطالبة بفتح مفاوضات اجتماعية للحدّ من التدهور الحاصل في المقدرة الشرائية لأعوان الوظيفة العمومية والقطاع العام داعياً إلى الإسراع باستكمال المفاوضات حول المطالب الخصوصية لبعض القطاعات وتفعيل الاتفاقيات السابقة.. وحمّل حكومة المهدي جمعة مسؤولية ما ينجرّ عن المماطلة في الشروع في المفاوضات، معرباً عن عزمه إقرار الدخول في أشكال نضالية من أجل تحقيق ذلك.
وفي الشأن الانتخابي، وفي غياب صدور أي برنامج مستقبلي للأحزاب المتقدمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة، تتكثف المزايدات ويتداول النخبة السياسية أخباراً حول الأسماء المترشحة للرئاسية والتي تنوي التراجع عن ترشحها في مناورة سياسية غير واضحة، حيث أوضح عضو المكتب التنفيذي لحركة النهضة المكلف بالعلاقات مع الأحزاب عامر العريض أن هناك صعوبات كبيرة أمام تونس بقطع النظر عمن سيكون في الحكم أو في المعارضة، مضيفاً: «في المقابل تبقى أمامنا فرصة لبناء نموذج يعود بالنفع على المواطنين وسيشكّل تحصيناً للدولة وللمجتمع ضدّ الإرهاب والجريمة المنظمة وضدّ عقلية الفوضى، وفي نفس الوقت إقامة دولة ومجتمع باحترام الحقوق العامة والفردية.».
وعما إذا كان هذا الكلام دليلاً على تخلي النهضة عن تطبيق الشريعة وإقامة دولة الخلافة وعلى أنها أصبحت حزباً مدنياً حريصاً على الحريات، أكد العريض بأن هذه الشعارات لم ترد البتة في برنامج الحركة.
وشدد القيادي بحركة النهضة على أن برنامج الحركة هو الحرية والتنمية، قائلاً: «نحن ساهمنا في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المعتدل.. والنهضة اليوم من أهم عناوين المدرسة الوسطية التي تعمل على أن يكون للعرب والمسلمين مساهمة في الحضارة الإنسانية انطلاقاً من عناصر القوة في هويتهم العربية الإسلامية وليس في قطيعة معها».
وتشير أخبار غير مؤكدة إلى نية كمال مرجان رئيس حزب المبادرة وآخر وزير خارجية في عهد الرئيس السابق بن علي، التراجع عن ترشحه للرئاسية بالرغم من حظوظه الوافرة للفوز بكرسي قر طاج، فيما يرجح المحللون السياسيون أن تكون هذه الأخبار مدخلاً لطرح اسم مرجان كمرشح توافقي تقترحه حركة النهضة التي لم تعلن إلى اليوم عن نتيجة مساعيها للبحث عن «الرئيس التوافقي» الموعود.. إلا أن أطرافاً أخرى تؤكد إمكانية أن تعمد الحركة إلى ترشيح المنذر الزنايدي آخر وزير صحة في عهد بن علي لخلافة الرئيس المرزوقي، فيما تتداول أصوات أخرى تكهنات غير مؤكدة مفادها أن النهضة تعمل سراً على إعادة جلوس المرزوقي وحزبه المؤتمر حليفها السابق في حكومة الترويكا على كرسي الرئاسة.