ناقشت في الحلقة السابقة نوعين من الأنواع الأربعة للإرهاب الذي يقدم إعلامياً للعالم على أنه برمته إرهاب سني عربي، هما الإرهاب الصهيوني والإرهاب الإيراني على الجغرافيا والشعوب العربية.
النوع الثالث: الإرهاب العسكري الأمريكي الرسمي الذي سبق الجميع وأسس لاستدعاء واستنفاركل أنواع الإرهاب الأخرى في الشرق الأوسط. الإرهاب الأمريكي الرسمي هو الذي استدعى واستنفر الجهاد الإسلامي في أفغانستان وحرث الأرضية وجهزها لاستنبات القاعدة وطالبان، ولاحقاً حركة الشباب في الصومال، وهو الذي قلب العراق من الأسفل إلى الأعلى بكذبة البحث عن أسلحة التدمير الشامل، وألغى وزارة الدفاع ووزارة الداخلية وسرح جميع منسوبيها وترك العراق عارياً، وفرض الطوارئ والحكم الإداري الأمريكي، ثم سلم الحكم للتحالف الطائفي المذهبي الشيعي المولود من رحم إيران.
ضحايا الإرهاب الأمريكي في العراق نصف مليون قتيل وأكثر من مليون جريح، مع هروب نصف سكان العراق إلى المنافي علاوة على هدم البنية العمرانية والزراعية والصحية والعلمية والديموغرافية للعراق. هذه الأرقام سوف تبقى لسنوات كثيرة أعلى مما سجلته حركات الإرهاب العالمية من توحش مجتمعة.
النوع الرابع: الإرهاب المذهبي المحسوب على العرب السنة. هذا الوجه القبيح الكالح مجرد واحد من وجوه الإرهاب القبيحة الكالحة الأخرى في المنطقة، وهو أغباها وأشدها بدائية وهمجية وسذاجة، ليس في نواحي التنظير والتخطيط فقط، ولكن أيضاً في التأصيل العقائدي والمذهبي المنحرف. هذا النوع من الإرهاب محسوب على العرب السنة شعوباً وحكومات وجغرافيا، لكن الأذى الأكبر هو ما يلحقه بالمكونات التي خرج منها ويحسب عليها. لا شك أنه إرهاب مذهبي عنصري معاد للحياة، بما في ذلك حياة كوادره وعائلاته ومجتمعاته، ويحمل نفس القدر من العدوانية تجاه مكوناته كالقدر الذي يحمله للآخر الذي يصنفه مختلفا عنه.
تحار العقول تجاه ما يسمى عصابات الدولة الإسلامية «داعش» والقاعدة والنصرة وأنصار الشريعة وفجر ليبيا وشباب الصومال، تحار من قدرتها على الزحف السريع والاختراق اللوجستي وسهولة الحصول على التمويل والتسليح، ثم لا يوجد استنتاج أمني واستخباراتي موثق يوضح كيف يتم لها كل ذلك.
المضحك المبكي في هذه الخبصة وتغطياتها الإعلامية الموجهة، أن الأطراف العربية القادرة على الفعل والتي تدور هذه الفظائع على أرضها، أي الحكومات القطرية والمؤسسات الدينية الرسمية والنخب الإدارية والجماهير العريضة تقف مشدوهة ومشلولة لا تبحث عن موقف موحد وفاعل لصد أعتى وأخبث هجمة في التاريخ لتفكيك الجغرافيا والديموغرافيا العربية وتذويبها، ثم إعادة تركيبها في مشروع جغرافي جديد يقوم العرب فيه بدوركلاب الحراسة.
هذا الوضع البائس المتجرد من القيام بالمسؤولية التاريخية هو ما سوف أحاول عرضه في مقالات قادمة إن شاء الله.