تذكرون الحلم الأسطوري الذي يداعب خيالات أي طفل عربي فينشأ معه عبر السنين وعندما يبلغ سن الرشد يكتشف أنه أضغاث أحلام لا يمكن رؤيتها على أرض الواقع، اختلقها العرب لمداعبة إحباطاتهم وتخلفهم وتذيلهم للأمم الأخرى، وهي الأسطورة التي تقول إنه «إذا اجتمع مال الخليج مع جيش مصر وأرض السودان أصبح العرب دولة عظمى بمصاف دول العالم الأول».
لن أتحدث عن العوامل المشتركة بين الدول العربية، لن أتحدث عن العوامل غير المشتركة بين الدول الأوروبية ولم تمنعها من أن تتحد وتصبح دولة واحدة ذات كيان واحد، كل هذا الكلام أصبح لا طعم له ومكروراً بشكل ممل، يعرفه القاصي والداني، وما أن تهم بقوله، حتى يقاطعك الجميع ويكملونه نيابة عنك، اتحاد الدول الأوروبية أخجل عروبتنا وتشدقنا بالوحدة والقومية والمصير والدين الواحد، أما الآن وقد قررت أمريكا خلط أوراق الشرق الأوسط والعبث باستقرار دوله وشعوبه، واختلاق «بعبع» داعش، هذا اللهو الخفي الذي أصبح بقدرة قادر يملك المال والتسليح ووسائل إنتاج وتصوير الذبح بمعدات لا توجد إلا بهوليود، بينما لو كان غير تنظيم داعش الأمريكي لاحتاج لسنين طويلة ومفاوضات أطول، وستكشف الأيام أن الكثير من «مقنعي» داعش ما هم إلا عملاء لجهات استخبارية أمريكية أو دول تعمل لصالح المخطط الأمريكي في نشر الفوضى الخلاقة، الدول العربية سببت لها داعش صدمة أفاقتها من سباتها الطويل منذ نصف قرن مضى، اكتشفت جميع الدول العربية أن أمنها واستقرارها مربوط بأمن واستقرار الدول العربية الأخرى، اكتشفت مصر أن زعزعة ليبيا أو الدول العربية التي تجاورها يضر باستقرارها ومصالحها، كذلك دول الخليج اكتشفت أن أمن مصر جزء من أمنها، وأمن اليمن جزء من أمنها، وأمن لبنان جزء من أمن جميع دول المنطقة.
الحقيقة الأقوى أن أمن دول الخليج مرتبط بعضه ببعض كدولة واحدة مهما حدثت بينهم من خلافات، دول عربية لم تعمل على اتحادها في السراء فوجدت نفسها مجبرة أن تتحد لمواجهة الضراء التي يحيكها أعداء المنطقة!