الدفاع المدني .. إلى هنا «قف»!

في كل بلدان العالم يمثل الدفاع المدني الخط الأهم الذي مهمته الحفاظ على أرواح الناس - بعد الله سبحانه وتعالى. كل دفاع مدني في الدنيا يطوِّر مهاراته البشرية والتقنية؛ ليظل متحفزاً وجاهزاً لحماية الناس من الكوارث ومهددات الحياة مهما كانت أنواعها أو أسبابها.

يخاطر أتباعه بحياتهم لحماية الآخرين. كلما كان مؤهلاً شعر الناس بالأمان، وأصبحت خسائرهم وأحزانهم أقل في ظل وجوده بالقرب منهم؛ لذلك كله، وحسب معرفة الجميع بمهام وواجبات الدفاع المدني، على الدفاع المدني السعودي أن يتدارك أوضاعه، ويلملم أوراقه؛ حتى لا يصل إلى درجة إعلان عجزه وإفلاسه عن عمل شيء. كل حريق يحدث هو لا يحدث في خفاء، بل يحدث أمام المئات من المارة الذين يشاهدونه، ويصورون ما يحدث حرفياً؛ لذلك لا يمكن الحكم على أداء الدفاع المدني حكماً غيابياً، أو حسب الكلام، بل هو حكم علني، شاهده جميع أو أغلب السعوديين والمقيمين. الحرائق تحدث علناً، والجميع يشاهد أداء الدفاع المدني وماذا فعل بها. السيول تحدث علناً، ويرى الجميع فشل الدفاع المدني في التعامل معها. ورغم إيماننا بقضاء الله وقدره إلا أننا نجزم بأنه لو كان أداء الدفاع المدني فعالاً وفاعلاً لما خسرنا كل هذه الوفيات مع كل هطول أمطار، حتى أن سكان المدن المتضررة فقدوا الفرحة بهطول المطر كباقي البشر.

آخر أخطاء الدفاع المدني التي لا يمكن قبولها أو السكوت عليها هو عدم تحديد مكان شابين قاما بالاتصال عليهما، وأخبرا الدفاع المدني بأنهما في خطر مواجهة الموت نتيجة العطش والتعب، لكن الدفاع المدني تركهما يواجهان الموت ويهزمهما، ولم يجدوا جثتَيْهما - رحمهما الله - إلا بعد يومين من البلاغ.

هذا ما حدث في محافظة مهد الذهب التابعة لمنطقة المدينة المنورة قبل يومين من كتابة هذا المقال. إن كان جهاز حكومي مثل الدفاع المدني مسؤولاً عن حماية أرواح الناس لا يملك جهاز تحديد مكان المتصل (طالب النجدة) فهذا تقصير، لا بد من فتح تحقيق لتحديد المتسبب في هذا النقص ومحاسبته. دفاع مدني بدون جهاز تحديد مكان المتصل لا يستحق أن يسمى دفاعاً مدنياً!