في الملتقى الأول لحماية المرأة من الإيذاء الذي نظّمته مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية بجهود من «مركز الحماية من العنف الأسري والإهمال» الأسبوع الماضي، شاركتُ بورقة عمل عن «دور وزارة الشئون الاجتماعية في مجال الحماية الأسرية» هذا الدور الذي يجهل الكثير حقيقته، على الرغم من تواجده من سنوات طويلة، وتم ظهوره أكثر مع نشأة الإدارة العامة للحماية الاجتماعية عام 2004م وحينها واجهت الوزارة صعوبات لا حصر لها سواء مع الجهات الأمنية أو القضائية أو المدرسية أو الطبية وذلك لعدم التزام الجهات المعنية بالأدوار المطلوبة منها والتي حددتها وزارة الداخلية منذ عام 2008 وكانت حجة الكثير عدم وجود نظام للحماية من الإيذاء! واستبشرنا خيراً، عندما صدر النظام عام 2013 وبذلت الوزارة حينها العديد من الجهود لعقد الجلسات التشاورية والاتفاقيات مع الجهات المعنية، وإعداد لائحة النظام بالمشاركة مع الجهات المعنية، وتأهيل موظفيها في مجال الحماية، وقامت بتقديم دعم مالي بمبلغ عشرة ملايين وأربعمائة ألف ريال لعدد 14 جمعية لافتتاح أقسام للحماية في المناطق التي لا يوجد بها دور للحماية، والإعداد لإطلاق حملة توعوية وقائية على مستوى المملكة، وتم التعاقد مع مدينة الملك عبدالعزيز لعمل الإستراتيجية الوطنية للتصدي للعنف، كذلك تم التعاقد مع المدينة لعمل دراسة عن البرامج التوعوية بالوسائل المختلفة للحماية الاجتماعية بجميع مناطق المملكة. ولكن جميع هذه الجهود الجبارة من الوزارة لن تنجح وتأتي بثمارها المرجوة منها إلا عندما يتم التفعيل الواقعي لأدوار الجهات الأخرى المساندة للجان الحماية في مهامها المختلفة وخاصة أن الفرق التنفيذية التي تحت مظلتها تقوم بأدوار خطرة منها مثلاً زيارة الحالات المُعنفة في منازلها أو في المكان الذي لجأت له هرباً من العنف وتحتاج لوجود وحدات أمنية مؤهلة لمرافقتها ميدانياً ولحمايتها أثناء تأدية عملها.
ولقد ذكرت في مشاركتي أن الأمن والمحاكم من أهم الجهات المساندة للحماية في نجاح مهامها وتم ذكرها في مواد النظام لأهمية دورها التنفيذي، ولقد كانت مشاركة مستشار وزير العدل لشؤون البرامج الاجتماعية والأسرية د. ناصر العود هامة جداً لعرض إنجازات العدل الهامة في مجال حماية المرأة خاصة الأخيرة منها مثل (افتتاح محاكم الأحوال الشخصية في عدد من مدن المملكة تهتم بالقضايا الأسرية، وتوحيد الأحكام الأسرية في صك واحد من المحكمة وإعطائها الأولوية وسرعة البت فيها)، والأهم هو (اعتماد عدد من الدورات التدريبية للقضاة للتعريف بالقضايا الأسرية عامة وآليات التعامل مع حالات العنف خاصة) خاصة أن المحاكم هي المنقذ الوحيد لكثير من الحالات بعد انتهاء لجان الحماية من دراستها وتقاريرها المختلفة، ولا تنتظر إلا وقوف الحق معها لإنقاذها! وهذا ما نطالب به جميعاً أن يكون جميع العاملين في الجهات الأكثر ملامسة لمعاناة المعنفات مؤهلين ومدربين على نفس آليات التدخل، ومفاهيمهم وقناعاتهم تجاه العنف ونبذه واحدة، لكي تنجح جهودنا جميعاً فيما نسعى له، وأن لا تضيع سنوات عملنا في تكرار ما نطالب به بنفس المعاناة والألم.