إن حادثة رجل أمن استاد الملك فهد الرياضي الأخيرة والتي انطلقت عبر الأجهزة الذكية والمباراة لم تنته بعد، أصبحت حديث المجالس، وأساءت للجهود الأمنية ولسمعة رجال الأمن في الميدان، لأنها تُنذر بأمور كثيرة تمس مستوى ومهارة التعامل لدى رجال الأمن مع المواقف الطارئة سواء في الملاعب أو الأسواق أو في الأماكن العامة .
فهذه الحادثة التي جسدت مدى العنف الواضح والصادر من رجل الأمن على مراهق دخل أرضية الملعب لأسباب قد يراها هو بأنها عادية بالرغم من الحظر المُسبق لهذا التصرف خاصة ان المراهقين يندفعون غالباً لفعل المحظورات تحت تأثير التحدي مع أقرانهم! كذلك تكشف هذه الحادثة مدى ضعف مهارة التعامل مع سلوكيات المراهقين أثناء الأحداث الرياضية، أو المناسبات العامة، واحتواء السلوكيات المرفوضة الطارئة، ومراعاة أسبابها، خاصة أن ماحدث في هذه المباراة من عدم التزام المتعهد لتوفير المياه للمشجعين ومعاناة أغلبهم من العطش الشديد لساعات طويلة في هذه الأيام الحارة، قد تكون من الأسباب القوية لنزول هذا المراهق المسكين للبحث عن قليل من الماء لسد عطشه حيث إن الصور التي تداولتها الأجهزة الذكية للكثير من المشجعين تدل على تأثير العطش عليهم شكلاً ومضموناً! وهذا مما يؤكد بأننا بحاجة للاعتراف بالتخصصات في الحراسات الأمنية تبعاً لاختلاف المرافق والمناسبات المختلفة، فالمتخصصون في الأمن المدني مثلاً من الخطأ تعيينهم كحراسات على المؤسسات الاصلاحية أو السجون أو المرافق النسائية الحساسة، والمتخصصون في الأمن العسكري من الخطأ تكليفهم بمتابعة أحداث المناسبات الترفيهية والرياضية والاجتماعية، بل هم بحاجة لحراسات متخصصة في مجال الأمن الرياضي والاجتماعي خاصة مع تزايد المناسبات الرياضية طوال العام، وازدياد نسبة المشجعين من مختلف المستويات، مع ازدياد الأندية الرياضية التي لا تهتم اداراتها بمراعاة هذه التطورات داخل الملاعب ومدى ضرورة المطالبة بتوفر حراسات أمنية رياضية لديها مهارات في التعامل مع المواقف الطارئة، ولديها تقبل لدورها الهام في مواجهة الجمهور بخصائصه المختلفة!
فهذه الحادثة وغيرها من المشاهدات السلوكية اليومية تستدعي دراسة التاريخ التطوري للكثير من العسكريين الميدانيين من الجانب الأسري والاجتماعي لقياس مدى مهارتهم في احتواء السلوكيات المتمردة من المراهقين فقط، والتي نلمس القصور الواضح في احتوائهم قولاً وفعلاً، حيث يشكو الكثير من المراهقين من طريقة تعامل الغالبية منهم عند نزولهم للميدان مما يتطلب اما التخصص في الأمن الميداني وما يتطلبه ذلك من مهارات لفظية وفعلية مع مختلف فئات المجتمع، أو تكثيف الدورات التدريبية لرجال الأمن الميداني في مهارات التعامل مع السلوكيات الطارئة وكيفية احتوائها بدلاً من العنف الذي لا يولد إلا العنف، ولا يقدم لنا إلا صوراً مشحونة بالعداء المتبادل.
ويكفينا قدوة رسولنا الكريم بقوله (ماكان الرفق في شيء إلا زانه، ولانزع من شيء إلا شانه).