وافق مجلس الوزراء على إنشاء المركز الوطني للدراسات والبحوث الاجتماعية، الذي سيضم بين جنباته «مرصداً اجتماعياً»، هو الأول من نوعه على مستوى المملكة، وسيكون مسؤولاً مباشراً عن تحديد الأولوية في طرح القضايا الحساسة داخل المجتمع المحلي، وذلك عبر لجنة متخصصة، تقوم بوضع الاستراتيجيات والخطط المتعلقة بالبحوث والدراسات المسحية اللازمة لكل قضية اجتماعية على حدة.
هذا ما كشفه للشرق الأوسط الدكتور «علي الحناكي»، المدير العام للمركز، وهو من إحدى الكفاءات في وزارة الشؤون الاجتماعية، ولديه خبرات كثيرة حول القضايا المُقلقة والحساسة في مجتمعنا من خلال سنوات عمله بالوزارة، التي لا تألو جهداً في متابعتها واهتمامها بكثير من القضايا الاجتماعية لمختلف فئات المجتمع.
ووجود هذا المركز الذي سيرى النور قريباً - بإذن الله - سيساهم في رصد القضايا والمشكلات الاجتماعية التي تشغل بال المجتمع السعودي؛ إذ سيقوم بتحليلها وقراءتها بمنظور علمي بحت؛ الأمر الذي سيمكّن المركز من وضع التوصيات والحلول المناسبة، وتقديمها بين يدي جهات الاختصاص وأصحاب القرار؛ ليكونوا على رؤية مستقبلية بكيفية التعامل مع أي قضية تستجد داخل المجتمع السعودي.
وجميع ما سبق رائع جداً، ويُبشر بمستقبل بحثي على أسس واقعية، تساهم في حصر القضايا حصراً علمياً، خاصة عندما يتم التعاون مع الجامعات السعودية في ذلك، وإن كانت الجامعات منذ سنوات طويلة لديها العديد من الدراسات الاجتماعية، التي تتناول الكثير من القضايا المهمة في مجتمعنا، إلا أنها - للأسف - الشديد تظل حبيسة الأدراج، ولا يتم تفعيل توصياتها ذلك التفعيل الذي يخدم المجتمع بقضاياه المختلفة! وهذه مشكلتنا القائمة مع كثير من الدراسات التي تُطبق من خلال الكثير من الباحثين في الجامعات، مثل ما يُطبق على فئات وزارة الشؤون الاجتماعية، وغيرها من الجهات ذات الاهتمام بالمشكلات الاجتماعية والأسرية، لكن لا نرى أي تغير إيجابي على واقع أو مستقبل تلك الفئات التي تم تطبيق بحوث الدراسات العليا عليها. وهذا هو الواقع المؤسف منذ سنوات! فهناك الكثير من القضايا عُقدت من أجلها المؤتمرات والملتقيات وورش العمل ولجان وزارية متخصصة، لكنها ما زالت مُعلقة بنتائجها وتوصياتها، والكثير ما زال يجهل هل ما زالت في مستوى القضية، أم تطورت لمستوى الظاهرة؟ وهل ما زالت في مستوى الدائرة الاجتماعية أم تطورت إلى مستوى الدوائر الأخلاقية والجنائية التي تُعتبر الأخطر على المستوى الأمني للبلاد!
فهذه التساؤلات والتحليلات التي لا تستند لمراجع علمية ثابتة هي التي أساءت للجهود العلمية البحثية في جامعاتنا المختلفة، وأساءت أيضاً للجهود المهنية على مستوى وزاراتنا المختلفة، وأساءت أيضاً لمستوى مشاركاتنا العلمية في المناسبات الخارجية والداخلية عندما نردد دائماً بدون مرجعية واضحة تجاه إحصائية أي قضية حساسة محلية بأننا «لا نملك الإحصاءات الموثقة تجاهها»؛ ولا نستطيع بالتالي رصد حجم تلك القضية، بالرغم من الجهود البحثية السنوية، وبالرغم أيضاً من الميزانيات الطائلة والمخصصة لتلك الدراسات!
لذلك نستبشر جميعاً خيراً تجاه هذا «المرصد الاجتماعي»، الذي سيعالج الكثير من الإشكالات البحثية تجاه قضايانا، خاصة تلك القضايا التي تتعرض للتضخيم والتهويل، وتسيء لواقعنا الاجتماعي، مثل: (هروب الفتيات، الطلاق، حقوق المرأة الشرعية، حقوق المطلقات، جنوح الأحداث، إدمان النساء للمخدرات، واقع المرضى النفسيين، خدمات رعاية المسنين، النساء السعوديات المتسولات والفكر الإرهابي للنساء وتأثيره على الأسرة السعودية)، إلى غيرها من القضايا التي ما زالت توصياتها الجادة مُعلقة، إنْ وُجدت، لكننا نأمل ترجمتها لما يخدم استقرار المجتمع، ووضوح جهوده العلمية تجاهها بإذن الله.