تُعاني المؤسسات الإصلاحية من عدم تعاون الأهالي وتجاوبهم مع العاملين في تلك المؤسسات من حيث زيارة أبنائهم أو بناتهم المودعين في تلك المؤسسات، وعدم الاهتمام بمتابعة كيفية تعديل سلوكياتهم من خلال الخطط العلاجية المقترحة، بالرغم من أن انحرافهم السلوكي لم يظهر فجأة، بل نشأ وظهر من خلال بيئة أسرية مضطربة مهيأة لظهور تلك السلوكيات، وذلك بسبب قصور والديهم في تربيتهم ومتابعتهم عاطفياً وأسرياً بما يكفل لهم حياة مستقرة تحميهم من الوقوع في تلك المسالك الجانحة! وهذا الرفض الأسري لإعادة التكيف العاطفي مع أبنائهم المسجونين في المؤسسات العقابية، واستمرار هذا الرفض حتى بعد انتهاء عقوبتهم وعدم الحضور لاستلامهم وبقاؤهم في المؤسسات لفترات طويلة، يساهم للأسف الشديد في تضخيم المشاعر العدائية لدى الأبناء المرفوضين تجاه أسرهم، وتمتد تلك المشاعر حتى تجاه المجتمع!.. فهذه الفئة من المرفوضين أسرياً وهم بداخل السجون، ودور الملاحظة، ودور الضيافة، يحتاجون لإجراءات مهنية فاعلة مع الأهالي أكثر مما هي عليه الآن، واتخاذ الإجراءات الحازمة مع الأهالي سواء أمهات أو آباء لإحضارهم لتلك المؤسسات بهدف إقناعهم بأهمية التعاون مع الجهات المسئولة للمساهمة في تعديل سلوكيات أبنائهم الجانحة، وفي إعادة العلاقة الأسرية لشكلها الطبيعي أو المأمول منهم، بدلاً من السماح لهم باستغلال تلك المؤسسات العقابية في إيواء أبنائهم الذين عجزوا عن تربيتهم من صغرهم، وإهمالهم لسنوات طويلة بحجة أن الدولة هي المسئولة عنهم!.. والبعض من تلك الأُسر عندما يتم استدعاؤها عن طريق الجهات الأمنية تقوم باستلام أبنائها لكن بدون أي إحساس بتقصيرهم تجاههم، بل يوجهون اللوم والعتاب للأبناء ومعايرتهم بماضيهم مما يدفعهم للهروب والعودة مرة أخرى للمؤسسات الإصلاحية!.. لذلك فإن النسب التي أشارت لها الدراسة المسحية التي قام بها مؤخراً الباحث الاجتماعي «يزيد الصقيل» في دار الملاحظة الاجتماعية بالرياض على 200 من الأحداث المودعين في الدار، تؤكد بأن القصور في قيام أولياء الأمور بمسئولياتهم الأسرية واضح جداً مما يتسبب في عودة الأحداث أحياناً لأكثر من أربع مرات للجريمة!.. حيث أكدت النسب الميدانية للدراسة بأن 63 % من الأحداث أودعوا في الدار للمرة الأولى، و25 % عادوا للمرة الثانية، و7 % للمرة الثالثة، و4% للمرة الرابعة، وأكد الباحث أن هذه النسب الميدانية تُشير إلى أالمجتمع بمؤسساته والأسرة بلا شك مطالبون بمضاعفة الجهود للحد من الجريمة والعودة له، لأنه ليس من المعقول والمقبول اجتماعياً ودينياً بأن الكثير من البيئات الأسرية تدفع بأبنائها للجريمة وتتخلى عنهم بسهولة كرهاً ونفوراً منهم!.. فهذا أمر خطير يتطلب تدخلاً وحراكاً أقوى مما هو عليه الوضع المهني والأمني والبحثي الآن، وذلك من الجهات المسئولة كمثل ( إمارات المناطق ووزارة الداخلية) مع أهمية التعاون والتخطيط والتنسيق مع وزارة الشئون الاجتماعية من خلال تكوين فرق مهنية تخصصية لوضع الخطط الوقائية والتوعوية والعلاجية تجاه هذه الفئة وأُسرها التي قد تتحول مستقبلاً وفجأة لقنابل موقوتة لا يهمها ما هي نتائج أفعالها الجانحة، لذلك من السهل استغلالها في جرائم أكبر وأشد خطورة على الأمن العام للبلاد!