مع تواصل عمليات إزالة العقارات التي تقع ضمن مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة وصرف التعويضات لملاك العقارات الا ان هناك مخاوف كبيرة يتداولها أهالي المدينة في مجالسهم الخاصة، حيث ان حجم العقارات التي تتم ازالتها كبير، فمشروع توسعة الحرم بساحاته ومواقفه يشمل 10% فقط من مشروع التطوير بما يعادل 1400 عقار فقط، فيما يشمل المشروع التطويري نزع ملكية 13000 عقار أخرى فيها عدد كبير من المساكن الخاصة والعمائر السكنية والمرافق، و36 بستان نخيل، و10000 محل تجاري ودكان، وهذا ما سيسهم في ارتفاع ايجارات العقارات السكنية والتجارية الى مستويات غير معهودة في المدينة المنورة.
«الجزيرة» طرحت القضية على عدد من خبراء العقار بالمدينة المنورة، وقال محمود رشوان أحد خبراء العقار المعروفين أن سوق التأجير في المدينة المنورة قد تأثرت بإزالة العقارات لصالح مشروع توسعة المسجد النبوي الشريف والمشاريع الأخرى كتوسعة مسجد قباء ودرب السنة وشارع عبد العزيز وغيرها والتي تقدر بحوالي ( 15 ) مليون متر خاصة وان هذه العقارات التي تتم ازالتها تعتبر الأكثر حيوية بالمدينة سواء من الناحية التجارية أو السكنية لقربها من المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف، وتبعاً لذلك سوف يكون هناك طلب كبير على المحلات التجارية والوحدات السكنية بشكل كبير مما سيؤدي إلى ارتفاع اسعار الأماكن المتبقية والمحاذية لتلك العقارات المزالة لانتقال جزء كبير من المحلات المزالة وإحلالها مكانها.
وتوقع رشوان ان تتحول الكثير من العقارات المحاذية للعقارات المزالة الى تجارية وانه سيكون هناك طلب كبير على الوحدات السكنية واحتمال زيادة اسعار المحلات التجارية الى 100% والسكنية ما بين 30 الى 50%.
واقترح رشوان لمواجهة ارتفاع اسعار الايجارات والتي تشكل ضغطا على اهالي المدينة المنورة ان يتم التريث في إزالة بعض الأحياء القديمة ذات الكثافة السكانية والتجارية العالية، والبدء بما هو دونها، مع حث أمانة المدينة المنورة على سرعة الموافقة على المخططات السكنية الجديدة وسرعة استخراج تراخيص البناء للوحدات الجديدة لإضافة وحدات جديدة للسوق مع حث وزارة الاسكان في الاسراع في انجاز مشاريع الاسكان المعتمدة بالمدينة، وكذلك سماح الامانة بإعطاء تراخيص بناء ادوار اضافية للمباني القائمة حالياً بما لايقل عن 50% لاوضاعها الحالية لاستيعاب جزء كبير من الطلب السريع على الوحدات السكنية، وكذلك اعطاء ارتفاعات عالية على جانبي الطريق الدائري الثاني.
من جانبه يرى الاستاذ / حمود عليثة الحربي احد خبراء العقار والمتابعين لشئونه بداية لابد من الاشارة الى أن وسط المدينة المنورة منطقة مركزية ذات وظيفة دينية واقتصادية ونتيجة للتوسعات المتتالية للحرم ومحيطه اصبح المحيط الاول لمناطق التوسعة وتطوير العشوائيات اصبح لا تتوفر فيه الخصائص البيئية الملائمة للسكن فتكاد تكون جميع المنطقة المحصورة داخل الدائري الثاني (طريق الملك عبدالله) لا يتوفر فيها السكن الملائم فيما عدا مناطق محدودة شرق المدينة متعددة الادوار من 4-6 أدوار، ولا تمثل اكثر من 20 الى 30 بالمئة من المساحة وما بعد الدائري الثاني المناطق ذات الدورين والتي تغطي اكثر من 80 بالمئة من مساحة المدينة ومتوسط مساحة القطع السكنية بها 400 م مربع وهي لا تستوعب اكثر من اسرتين الى ثلاث اسر.
وقال الحربي ان عدم مراعاة المخططين لنداء اهل المدينة والاصرار الخاطئ على عدم رفع مستوى البنيان على جوانب الطرق الشريانية الكبيرة والتصريح المناقض للواقع بأن هناك فائضاً في الوحدات السكنية ادى الى الارتفاع غير المتوقع للإيجارات وبشكل غير مسبوق، وستتضاعف هذه الإيجارات مع بدء العام الهجري، مما سيخلق مشاكل اجتماعية، وقد نرى اسرا بدون مأوى او بسكن غير لائق خاصة اذا علمنا ان منطقة المدينة المنورة هي اقل المناطق في مستوى الاجور، وقد بدأت مؤشرات الهجرة المعاكسة للقرى حول المدينة لتواجه واقع تدني الخدمات التعليمية والصحية والامنية والبلدية، خاصة منطقة الفريش والجفر وابار الماشي والمليليح والمندسة والصويدرة التي اصبحت الوجهة المستقبلية للطبقة الفقيرة والمتوسطة و كل هذا يدل على ان المخطط لتطوير المدينة المنورة لم يراع الاثار الاجتماعية التي ستترتب على التوسعة.
أما التعويضات التي بدأ صرفها فجزء كبير منها لمستثمرين اقتنصوا غنائم التعويض، ولن ينفقوها بالمدينة، والجزء الآخر من التعويضات تفتت بين الورثة على مباني ابائهم وستمتص الايجارات المرتفعة مدخراتهم.