أبارك للميدان التربوي التعليمي بداية العام الدراسي الجديد وأسأل الله للجميع التوفيق،
* نعم مهم جداً أن يتوجه الطلاب إلى مدارسهم من أول يوم، ولكن الأهم منه أن يجدوا من يستقبلهم، يحتفي بهم، يشجعهم، يحفّزهم لبداية جادة وعمل دؤوب.
* الأب لا يرضى بأن يذهب صغاره اليوم الأول ويفاجأ حين سؤاله لهم بعد عودتهم لمسكنهم عن يومهم هذا، بأنهم قضوه في الساحات لعباً ولهواً وربما عراكاً وجدالاً.. أو أنّ مدرس الرياضيات غائب.. ومعلم اللغة الإنجليزية لم يوجّه للمدرسة بعد.. والكتب ما زالت في المستودعات.. والطاولات ناقصة.. والنظافة معدومة.. والمقصف لم يجهز و....
* ليس من الضروري أن يبدأ المعلم الشرح لما هو ضمن مفردات المقرر من أول لقاء يجمعه مع طلابه، ولكن من الأهمية بمكان أن يتعرّف كل معلم على طلابه ويعرّفهم بنفسه وبمفردات المادة التي سيدرسونها في هذا الفصل.
* لا أقصد التعرف هنا مجرّد الاسم وربما مكان السكن، ولكن أن يحاول معرفة طبائعهم وهواياتهم وميولهم ويطرح عليهم عدداً من الأسئلة العامة في التخصص ليعلم مقدار رغبتهم في التعلُّم وتحفزهم للمشاركة داخل الصف حين توجّه لهم الأسئلة.
* لابد أن يمد معهم جسور التواصل ولا يخوّفهم من المادة، ويجعل شبح الرسوب يتراقص بين أعينهم من أول يوم، بل يبعث في نفوسهم الطموح ويقوي العزائم ويشحذ الهمم ويعزّز الأمل بالتفوق ويبث التفاؤل في الغد، ويزيل عنهم الخوف الذي قد يكون عند بعضهم، ويعطيهم أرضية عامة عن الحقل المعرفي الذي تقع هذه المادة في دائرته بأسلوب مبسط ومعلومة موثقة ودقيقة.
* ليركز المعلم على القيم الأخلاقية التي يجب أن يتحلّى بها طالب العلم، ويوصل رسالته السلوكية بأسلوب قصصي ممتع، بعيداً عن الإملاءات التي يشعر معه الطالب أنّ دوره لا يعدو السمع والطاعة، دون أن يجني مما قيل النفع والفائدة الشخصية له في حاله ومآله.
* لنبتعد عن الأسئلة المكررة التي اعتاد صغارنا سماعها في الأسبوع الأول، وليكن هناك رسائل مدروسة عن سمات الشخصية المثالية، والوطنية الحقة، وواجب المحافظة على الممتلكات العامة واحترام النظام داخل المدرسة وخارجها.
* أحذر أيها المعلم أن يشعر طلابك في أول لقاء يرونك فيه أنك خاوي الوفاض، وأنّ معلوماتك غير دقيقة، وشخصيتك متردّدة وغير واثقة، فإنّ هذا الأمر سيولد لديهم صورة ذهنية سلبية عنك، ولا تقل هؤلاء صغار لا يدركون ويمكن تمرير ما أريد عليهم بسهولة ويسر، فالمعلومة اليوم مرمية على قارعة الطريق يمكن للكل الوصول إليها والتحقق منها بضغطة زر.
* اهتم بهندامك، ولتكن رائحتك جميلة فالطلاب يشمون جيداً خاصة الصغار منهم وتضايقهم رائحة المدخنين، ولا تنشغل عنهم بجوالك وأنت أمام أنظارهم فينشغلون عنك بما في أيديهم وداخل حقائبهم، ولا تكن شاحب الوجه، رافع الصوت، متململاً متضايقاً من بطء الوقت، دائم النظر في الساعة، بل مبتسماً، متفاعلاً، متقد الذهن، حاضر البديهة، متحركاً داخل الصف، قادراً على إيصال صورة إيجابية عنك، مشعراً الطالب عرفته أو لم تعرفه من قبل بقربك منه وحرصك على مستقبله.
* وظِّف السبورة توظيفاً جيداً، وأجعل الطالب يخرج ليدوّن عليها ما ترى أهمية التصاقه بذهنية الطلاب في أول أيامهم من هذا العام، إذ إنّ البعض منهم إنسان صوري يحفظ الشكل وينغرس في ذهنه ما يراه أكثر مما يسمعه.
* ابدأ بـ«بسم الله»، واسأل الله البركة، وتوكّل عليه سبحانه، واستصحب النية الصالحة، واستشعر المسئولية الملقاة على عاتقك، وتذكّر عظم الأمانة، ولا يغيب عن بالك لحظة واحدة أنك كما تتمنى أن يكون معلم ولدك متميزاً، يتمنى مَن أولادهم طلاب عندك التميُّز في شخصك «سلوكاً ومعرفة وعطاءً وانتظاماً» فاجتهد للوصول إلى التميز، وتذكّر أنّ هؤلاء الصغار سيكون منهم الطبيب والمهندس والمعلم وسيقبّلون رأسك يوماً ما ويقدمون بين يديك وعلى مسمع أولادك وأحفادك كلمات الشكر والتقدير والامتنان، أو أنهم لا سمح الله يعرضون عنك حين يمرون بك، أو أنهم قد يلقون عليك تحية الإسلام مجاملة دون إشعار لك بالخصوصية وبلا مزية ولا اعتراف بالفضل.
* طالب القرية والهجرة لديه ملاكات وله آمال وتطلُّعات والمسئولية على معلمه مضاعفة والواجب في حقه أعظم، وما يدريك أن يكون من أبناء هذه القرية القابعة في مكان قصي من يحمل يوماً ما درجة الدكتوراه في تخصص علمي نادر فيفتخر به جميع أهلها، ويتذكّرون بصمتك التي أبدعتها قبل عشرين عاماً أو يزيد.
* الدعاء من القلب لطلابنا وطالباتنا، لمعلمينا ومعلماتنا، للعاملين في الميدان التربوي - التعليمي بعام دراسي متميّز وإلى لقاء والسلام.