لم يكن الهلال... الكيان الكبير.. يوماً ما بحاجة إلى استفتاء شعبي لإثبات أنه النادي الأكثر جماهيرية، ذلك أن المدرجات تشهد وملاعب الخليج تشهد... والبطولات تشهد، لكن هناك من يسعى لمخالفة المثبت، وإثبات المخالف، والسعي خلف سراب إذا جاءه لم يجده شيئاً، ومحاولة استدعاء ما يمكنه أن يحجب الشمس بغربال... وأنى له ذلك.
جاءت شركات دراسات، وقالت إن الهلال هو صاحب الشعبية الأولى، تم السؤال عن حجم مبيعات القمصان والهدايا، فجاء الهلال الأول، قيل إن شعبية الهلال محصورة في مناطق معينة، لكن الهلال لعب في كل المناطق وأثبت أنه الأول.... وفي النهاية... جاءت إليه الشركات لتدخل معه في شراكة استثمارية أو رعاية في ناحية معينة، وبالتأكيد فإن أصحاب رؤوس الأموال لم يكونوا ليضعوا أموالهم في النادي من أجل زرقة شعاره وبياض تاريخه فقط، ولكن من أجل شعبيته التي لا تقارن، وحضوره الذي لا يتوقف، وإطلالته التي تجعل الجميع يترقب ماذا لدى النادي الأول.
أصحاب المال وقعوا مع الهلال دون غيره عقود رعاية تدر على النادي الملايين... وشهدوا أن الهلال أولاً من ناحية الشعبية والحضور، وبقي الآن الدور على إدارة النادي التي عملت الكثير من أجل هذه الاتفاقيات، من أجل استثمار هذه الشعبية بالطريقة المناسبة، ومن أجل استثمار المردود المالي الضخم بما يضمن زيادته عاماً بعد عام، وما يضمن أولاً تحقيق طموحات جماهيره الكبيرة وكنزه الثمين...الكنز الذي لا يقدر بثمن ولا تقارن به كل كنوز الرياضة.
36 مباراة.. ثم انطلق الهلال
في لقاء المدير العام للنادي العربي القطري سامي الجابر في قناة روتانا الأخير مع الزميل علي العلياني سأل أحد الحضور سامي الجابر عن الهلال الذي كان يدربه الموسم الماضي، وعن عدم قدرته على مواصلة المشوار في كأس الملك وخروجه من دور الثمانية على يد الشباب...قال الكابتن سامي: (.... بعد مباراة الشباب أعتقد هي الانطلاقة الحقيقية لنا في الموسم... نضج الفريق أخذ الانطلاقة الحقيقية... صدمة مباراة الشباب وهدف واحد كان خطأ...))... مباراة الشباب المشار إليها في حديث مدرب الهلال السابق كانت الأخيرة للفريق في موسمه المحلي، أي أن الفريق لعب قبلها 36 مباراة في (الدوري وكأس الملك وكأس ولي العهد ودوري أبطال آسيا)، ولم يكن الفريق قد حقق الانطلاقة الحقيقية له في الموسم... أي أن الفريق لعب كل مواجهاته المحلية وخسر ثلاث بطولات تباعاً - دون إغفال أخطاء التحكيم - دون أن يكون قد وصل للانطلاقة الحقيقية له في الموسم، أي أن الفريق احتاج لـ36 مباراة حتى ينضج وينطلق... ما هذا وكيف يحدث ذلك، وكيف لفريق أن يحتاج لـ36 مباراة حتى ينطلق، هذا ليس كلامي ولكن كلام مدربه، وهل في هذا الحديث ما يبرر للإدارة الهلالية إلغاء عقد الكابتن سامي والتعاقد مع مدرب بديل لا يحتاج إلى 36 مباراة وخسارة ثلاثة ألقاب من أجل أن ينطلق وينافس ويحصل على بطاقة العبور إلى ربع النهائي الآسيوي؟؟
المدرب والمدير الفني
أعجبني المقطع التالي في كتاب (كرة القدم... بين الشمس والظل) للمؤلف إدواردو غاليانو.. وأحببت أن أضعه تحت أنظاركم: في السابق كان المدرب، ولم يكن أحد يوليه كبير اهتمام، ومات المدرب وهو مطبق الفم عندما لم يعد اللعب لعباً، وصارت كرة القدم بحاجة إلى تكنوقراطية النظام، عندئذ ولد المدير الفني، ومهمته منع الارتجال، ومراقبة الحرية، ورفع مردودية اللاعبين إلى حدودها القصوى باجبارهم على التحول إلى رياضيين منضبطين.
كان المدرب يقول: سنلعب.
أما المدير الفني فيقول: سنشتغل.
الحديث الآن بلغة الأرقام؛ فالرحلة من الجرأة إلى الخوف، وهي تاريخ كرة القدم في القرن الـ20، إنما هي الانتقال من 2-3-5 إلى 4-5-1 مروراً بـ4-4-2، إن بإمكان أي انسان غير متضلع أن يترجم هذا مع قليل من المساعدة، ولكن فيما بعد، لم يعد هناك من يستطيع فهم أي شيء، لأن المدير الفني صار يطور صيغاً سرية غامضة، ويضع معها خططاً تكتيكية عصية على الفهم.... وجرى الانتقال من السبورة القديمة إلى اللوحة الإلكترونية، فاللعبات البارزة ترسم الآن بواسطة الكمبيوتر وتعلم بالفيديو، وهذه اللعبات الكاملة لا تشوبها شائبة، نادراً ما ترى فيما بعد في المباريات التي ينقلها التلفزيون، بل إن التلفزيون يقنع بنقل التشنج في وجه المدير الفني، ويظهره وهو يظهر قبضته ويصرخ بتوجيهات ستقلب وجه المباراة رأساً على عقب إذا ما استطاع أحد أن يفهمها)).
أترك ما بين السطور لكم.