لو قيل لأي إنسان في هذا العالم حتى لو كان جاهلاً بكل نواميس كرة القدم أن البرازيل سوف تخسر في المونديال وعلى ملعبها ومن أي فريق برباعية أو خماسية... لرد أن هذا من العبث وأن البلد الذي يعتبر كرة القدم ثقافة وغذاء وبهجة شعب لا يمكن أن يقع بهذ الشكل!!
لكنها المكائن الألمانية... كسرت كل نواميس كرة القدم ومسحت الكرة البرازيلية في معقلها وأعادتها ستين عاماً إلى الوراء!!
لا غياب نيمار ولا غياب تياجو سيلفا يمكن أن يكون مبرراً لما حدث.. لقد سقطت كرة القدم في البرازيل وهذه حقيقة لا يمكن تجاوزها، وستمتد آثارها إلى أبعد من ذلك ولن تقف على هذه المذلة التي يعيشها البرازيليون بكل مرارة ولن يسنوها طويلاً، والآثار سوف تصل إلى سمعة اللاعبين والمدربين البرازيلين العاملين في الخارج... كلنا كنا نتوقع أن تطوي المكائن الألمانية المنتخب البرازيلي باتجاه النهائي... توقعنا هدفاً أو هدفين... لكن سبعة ومع الرأفة لم يتوقعها أي شخص في هذا العالم!!
التحكيم السعودي.... ولا جديد!!
جاء قرار إعادة تشكيل لجنة الحكام ليؤكد أن: (التحكيم ليس على ما يرام - اتحاد الكرة غير راض عن التحكيم - الإعلام والأندية كان معهم الحق وهم يطالبون بإصلاح وضع التحكيم والحكام)، والواقع يقول أن اتحاد الكرة قد تأخر كثيراً في إصدار القرار، وكان الأحرى به أيضاً أن يتم حل اللجنة وتشكيلها بشكل جديد بالكامل، في المونديال شاهدنا كيف استبعد فيفا حكمين في الدور التمهيدي بسبب أخطاء في ضبط التسلل - وليس لأن لاعباً حول كرة القدم إلى طائرة - فاستفاد بقية الحكام من عقوبة زميليهما وحقق فيفا هدفه من القرار.
الحقيقة أن حال التحكيم السعودي مؤلمة للبعيد قبل القريب، ووضعه لم يتحسن رغم الوعود، ورغم أن اللجنة ترى أنها ناجحة، ومشكلة اللجنة أنها ترى من زاوية، وتغض الطرف عن زوايا أخرى، ترى من زاوية حكم واحد، وإشادة تلقاها آخر، وتحسن في مستوى ثالث ورابع وخامس، لكنها لا تشاهد أخطاء حكام آخرين، بل ولا تتخذ العقوبات الرادعة بحقهم... تكتفي مثلاً بالاعتراف بالخطأ خلال اجتماعها الشهري، ثم ماذا لا جديد ولا قرار مفيد!!
الحكم مسؤول عن فرض العدالة في الميدان، وخطأ واحد فقط كفيل بنسف كل ما فعله طوال 90 دقيقة، ليس للحكم أن يتحجج بأنه نجح في ضبط تسلل أو لمسة يد خفية أو ضربة غير واضحة، فهذا دوره وإن لم يكن فالحاً فيه فمن الظلم أن يرتدي بزة التحكيم، لكن للأندية الحق عندما يفوت الحكم أو مساعديه أخطاء لا تقبل الجدل، ومبرر الحكم بشر ليس كافياً لحرق جهود فريق كامل وإهدار حقوقه ربما لموسم كامل!!
دلالة تراجع التحكيم السعودي أن أياً من رجاله لم يسجل تواجداً في المونديال، حضر خليل جلال في النسخة السابقة من المونديال، وأخفق في تسجيل حضور ثان، وكانت ردة فعله المباشرة الاعتزال، ووضع الصافرة جانباً، فهل هذا هو الحل؟؟
في الأيام الفارطة قرأنا عن حكام دوليين يشاركون في قيادة مباريات دورات رمضانية؟؟ وهذا شأنهم وهم أحرار في ما يفعلون، ولكن هل لجنتهم راضية عن ذلك؟؟ وهل تم الرجوع إليها قبل المشاركة؟ ولماذا لا تُمنح فرصة المشاركة في هذه الدورات للحكام الصاعدين لتدريبهم وصقلهم قبل الموسم؟ وهل طموح حكام دوليين أو درجة أولى المشاركة في الدورات الرمضانية في الوقت الذي تدور فيه رحى المونديال؟
لجنة الحكام التي ننتظر تشكيلها أمامها موسم صعب واختبارات شاقة... أول الاختبارات هو تشكيل اللجنة التي يجب أن تضم أسماء لها وزنها وليس لها خلفيات سابقة تمنح المجال للآخرين لبدء التشكيك في عملها، واللجنة يجب أن تخرج من ربقة الحكام، وأن تضم إداريين وقانونيين مؤهلين للمشاركة في إدارة أعمالها وصياغة قرارتها..في النهاية الحكم السابق ربما يتعاطف مع زملاء المهنة ويعيدنا إلى المربع الأول: يتراجع التحكيم، تظهر قرارات مثيرة للجدل، تتحول كرة القدم إلى طائرة، مطالب بلجنة جديدة..... ثم لا جديد!!
من المستفيد من الدوري الإنجليزي؟؟
مقولة الدوري القوي يقدم منتخباً قوياً هل بدأت تندثر بدلالة أن منتخبات إنجلترا وإسبانيا وإيطاليا وهي الدول التي تقام على ملاعبها أقوى ثلاث بطولات في العالم خرجت من الدور الأول للمونديال الذي يضع أوزاره الأحد المقبل؟؟
هل تحول الدوري من وسيلة لتقديم منتخب قوي إلى وسيلة لدعم الاقتصاد وتحقيق أعلى الأرباح وجذب أعلى نسب مشاهدة وبالتالي (إعلان) مما جعل بعض فرق الدوري الإنجليزي مثلاً تلعب دون لاعب مواطن واحد... وجعل فرق الدوريين الإسباني والإنجليزي تنشط في شراء اللاعبين الأجانب وتدفع مقابل ذلك مبالغ فلكية؟؟
الحقيقة أن الإجابة هي أقرب إلى نعم وإلى أن دول المسابقات الأقوى تدفع الثمن، وفي اعتقادي أن صانعي القرار هناك لا يرون بأساً في ذلك ما دام المال يتدفق بشكل منهمر والشركات توالي الدفع والأرباح تتعاظم يوماً بعد يوم!! وهنا لا تنس أن بعض الأندية مملوكة كلياً أو جزئياً لمستثمرين أجانب، ولا حاجة للقول لماذا قدم هؤلاء وما دافعهم للتملك في الأندية!!
السؤال: من المستفيد من البطولات الأوروبية القوية التي تستقطب أفضل اللاعبين وتستثمر فيهم وتطور مستوياتهم وتدفع من أجل ذلك الكثير؟؟ من ناحيتي أرى أن المستفيد الأول هي منتخبات دول ذات مسابقات ضعيفة نسبياً ومقارنة بالدوريات المتقدمة... مثل كولومبيا، سويسرا، كستريكا، تشيلي، أورجواي... والجزائر (ثلاثة لاعبين جزائريين فقط يلعبون في الدوري الجزائري والبقية في الخارج)، فمنتخبات هذه الدول نالت من الكعكة نصيباً وافراً لأن معظم لاعبوها محترفون في الدوريات الأوربية فاستفادوا من المشاركة، واستفادت منهم منتخباتهم، وهنا يحق لنا أن نحزن لغياب اللاعبين السعوديين عن المشاركة في دوريات قوية وانحسار تواجدهم في الدوري المحلي فقط، دون أن يحاول اتحاد الكرة بحث الأسباب وإيجاد الحلول!! واعتقد أن أي منتخب في العالم لن يبتعد كثيراً إذا ما اعتمد على لاعبي الدوري المحلي نظراً لضعف الاحتكاك والمنافسة وعدم وجود احتراف حقيقي لكرة القدم!!.... فهل يدرك اتحاد كرتنا الموقر ذلك... أم تبق الوعود في الأدراج حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً؟؟