طالب خبراء ومختصون في الشأن العقاري بضرورة تقليص عدد المكاتب العقارية العاملة في السوق حالياً، لا سيما أن الكثير منها غير ملتزمة فعليًّا بنظام «شموس» الأمني على الرغم من اشتراكها به، إلى جانب غياب دورها الحقيقي وإسهامها في توطين فرص العمل في هذا القطاع الحيوي المهم، ما أوجد بيئة خصبة للعمالة الوافدة التي استحوذت على 80 في المئة من إجمالي الوظائف في هذه المكاتب، إلى جانب التسبب في عمليات التأجير غير النظامي تحت ذريعة قانون العرض والطلب.
وقال المختصون في حديثهم لـ«الجزيرة»: إنه في ظلِّ افتقاد العديد من المكاتب العقارية للتنظيمات الهيكلية والتشريعية والإدارية التي تنظم علاقة المنشأة بموظفيها، يلاحظ حلول غير السعوديين في أول قائمة العاملين بهذه المكاتب بنسبة تصل إلى 80 في المئة، ما يطرح التساؤل حول غياب السعوديين عن الوظائف في هذا القطاع، وكيفية معالجة هذا الخلل الكبير، الذي مهد الطريق أمام العمالة الأجنبية لتدخل بقوة في هذا المجال واستحوذت عليها بطريقة أو بأخرى، وامتلكوا العلاقات وأسسوا لمبادئ يسيرون عليها في عملهم بمنأى عن المواطن، بل إن العديد من المواطنين أعانوهم في ذلك، فمنهم من وظَّف سائقه الخاص للعمل في مكاتب يملكونها بمنازلهم الخاصَّة دون تراخيص نظامية، علمًا أن هناك أكثر من (30) ألف مكتب عقاري في «المملكة» تعمل نسبة كبيرة منها بشكل عشوائي ودون وجود أنظمة تحمي الأطراف المتعاملة وتحمي أمن الوطن والمواطن.
وأشار المختصون إلى أن ثلث عدد المكاتب العاملة في «المملكة»، ظهرت على هامش الطفرة العقارية التي أعقبت انتكاسة سوق الأسهم المحليَّة، ولم تبتكر أو تنجز طيلة السنوات الماضية مزيدًا من الأفكار التي ترسَّخ أقدامها في السوق العقارية، وفضلت عوضًا عن ذلك لعب دور الوسيط بين المالك والمستأجر مقابل الحصول على العمولة المطلوبة في هذا الجانب.
وأوضح نائب رئيس اللجنة العقارية بغرفة الرياض محمد الخليل أن سعودة مكاتب العقار تعتبر ذات أهمية اقتصاديَّة وأمنيَّة ومن الممكن تطبيق ذلك بالمتابعة المنظمة من قبل الجهات المعنية إضافة إلى وعي المواطن وأنه لا بُدَّ من التأهيل المناسب للعاملين في مكاتب العقار كما أكَّد أن التطبيق الفعلي لسعودة مكاتب العقار ستسهم بشكل كبير في توفير وظائف مناسبة للشباب في مجال العقار.
من جهته علّق العقاري عبد الرحمن العنقري قائلاً: إن قرار سعودة المكاتب العقارية قرار إستراتيجي ومطلوب ويخدم شريحة كبيرة من الشباب الذين يفضِّلون العمل المكتبي على العمل الميداني، ولكن تطبيق هذا القرار في فترة قصيرة قد يُؤدِّي إلى فراغ كبير في خدمات الوساطة العقارية وتدنِّي في مستوى الخدمة المقدمة، فبرأيي الشخصي أن نجاح هذا القرار يأتي بالتدرج في التطبيق وإعطاء مهلة كافية لتصحيح الأوضاع، ليستطيع صاحب المؤسسة أو الشركة العقارية في تدريب الكفاءات الوطنيَّة تمهيدًا لتقلد المسؤولية كاملة. كما أن أفضل وأنجح وسيلة لتشجيع الشباب في مهنة الوساطة العقارية هي تسهيل الإجراءات الإدارية والنظامية في امتهان هذه المهنة على مستوى وزارة التجارة والبلديات ووزارة العمل بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الحكوميَّة لهم ودعمهم عبر صناديق دعم المشروعات الصَّغيرة والمتوسطة في تحمل نصف تكاليف الرسوم وقيمة استئجار المكاتب على الأقل للسنة الأولى إلى أن يقف الشاب على قدمه ويكون له عائد ودخل يستطيع بعد ذلك تحمل كامل التكاليف. وأضاف العنقري: كما أن أفضل وسيلة لدعم الشباب في امتهان خدمات الوساطة العقارية هو تفضيلهم في التعاقدات الحكوميَّة لخدمات الوساطة والتثمين والتقييم فتكون أولوية التعاقد مع المؤسسات العقارية هي تلك التي تكون فيها نسبة السعودة 100 في المئة.
يشار إلى أن نظام ممارسة أعمال المكاتب العقارية اشترط في مادته الثالثة على: الحصول على سجَّل تجاري لممارسة النشاط العقاري، أن يمارس النشاط صاحب المكتب أو يديره سعودي، وألا يكون صاحب المكتب قد ارتكب جريمة مخلة بالنشر أو الأمانة ما لم يرد إليه اعتباره.