يتداول الناس كل فترة نكتاً عبر الواتس أب و توتير تتناول شخصية المرأة السعودية بطريقة فكاهية ساخرة، تسخر من جفافها وتشكك بأنوثتها وغنجها وتعيب بمتانة جسدها وسواد ركبها وإهمالها لجمالها، بل وتستغل قلقها وتوجسها من بعض النساء من الجنسيات العربية الأخرى كالمغربية والسورية واللبنانية وغيرها. ولم تتوقف تلك الطرف والنكات عند ذلك، بل إن كثيراً منها يسخر من أسلوب حياتها المشبع بأطباق الحلوى ووصفات الطعام والمناسبات الاجتماعية الحافلة بالنميمة والحسد.
السخرية الجارحة حد الظلم للمرأة السعودية لم تقتصر هذا الشهر على رسائل الواتس أب وتغريدات توتير، بل امتدت لعدد من البرامج الكوميدية الشهيرة في رمضان كبرنامج «واي فاي» الذي خصص إحدى فقراته الدائمة لتصوير إحدى الأسر السعودية المكونة من الرجل السعودي وأم أبنائه السعودية وزوجته الثانية من إحدى الجنسيات الشامية التي صُورت وهي تفيض أنوثة ورشاقة وغنجاً يذوب له رب الأسرة، بينما تغرق المرأة السعودية في أطنان من الوزن الزائد التي تغطي تشوهاً داخلياً وضعفاً بل انعداماً بالثقة بالنفس، وشحاً باللباقة والإتكيت بل وحتى أناقة المظهر، ما يجعل الزوج يهيم غراماً وحباً في تلك الشامية الغنجاء, ويخرس غيرة السعودية بالمقولة الشهيرة «أنتي الغالية أم العيال». الجانب المهمل أو المغيّب في هذه القضية هو الأسباب التي أدت لوصف المرأة السعودية بهذه الصفات التي تنمّ عن ثقافة احتقار متغلغلة منذ القدم للمرأة، والإيمان لدى طائفة كبيرة بأن المرأة يجب أن تتمتع بحريات أقل من الرجل، بل وتكون أحيانا جزءاً من ممتلكاته يسيّرها كيف يشاء، لذا منعت لسنوات طويلة من ممارسة الرياضة في المدارس خوفاً عليها من الرذيلة، والخروج للمحافظة على رشاقة جسدها في النادي الرياضي محرماً تحسباً من الاختلاط وعواقب مغادرة المنزل، وظلت قائمة طويلة من مكملات الجمال كالتشقير والتوصيل محل جدل وأخذ ورد، بل وإن تعمقنا أكثر في نفسية المرأة نجدها غارقة في اليأس والخذلان من زوج أفنت عمرها تحاول أن تلفت انتباهه وتمارس أدوار الدلال وحيل الأنوثة دون أن تجد منه كلمة ترضي قلبها وتشبع غرورها نظراً لكونه كائنا صحرواياً فُطر على الجفاف والقسوة والصرامة في التعامل مع شريكة حياته، حيث تحول الرجل الرومانسي اللطيف عملة نادرة تتداولها ألسنة النساء بلذة واشتهاء كونه استثناءً جميلا ً وسط قاعدة شديدة السواد.
إن كثيرا من تلك النكت و»السكيتشات» التلفزيونية التي ضحك عليها الرجال قبل النساء شكلت وعياً جمعياً يخزن تلك المزاعم ويحولها إلى ثقافة فشل وجلد ذات لا تسمن ولا تغني من جوع، تحتفي بجمال النساء حول العالم وتحقر من نسخته السعودية، ما خلق طاقة سلبية مترسبة في أعماقها.
متى نعتبر ونتوقف عن الاحتفاء من تلك الرسائل التي ظاهرها نكت وباطنها ثقافة تعزز مزيدا ًمن الإحباط والفشل وعدم التصالح مع الذات!