تداول السعوديون على مواقع التواصل الاجتماعي تحديدا ً (تويتر).. خبر إهداء سمو الأمير الوليد بن طلال «سيارة» فارهة من نوع «بنتلي» جاءت بمثابة مكافأة لجهود اللاعب الشهير سامي الجابر بعد انتهاء خدماته كمدرب لفريق الهلال.. في موسم ساخن تفاوتت فيه ردود الفعل الحادة حول أداء سامي كمدرب وصاحب رؤية للفريق الأزرق.. هذه الضجة لم تنحصر داخل الوسط الرياضي فحسب، بل امتدت أشرعتها لتصبح قضية ذات زخم شعبي واسع.. الطريف في الموضوع أنها ليست المرة الأولى التي يهدي بها الأمير الثري سيارة من ذات النوع لسامي، بل هي المرة الثانية.
ما لفت انتباهي واستفزني لكتابة هذا المقال حول هذه القضية تحديدا ً هو استمرارية ثقافة «الشرّهات» والهِبات المادية والهدايا الفاخرة، لتكريم ريادة وتميز الرموز في وطننا في كثير من المجالات، سواء الرياضية أو الثقافية أو الفنية أو حتى العلمية.. في حين أن أثر هؤلاء الرموز سيمتد ويزهر ويثمر إن تم تكريمهم على نحو أكثر إبداعا ً واستمرارية.. حيث لا أعتقد أن سامي الجابر بحاجة إلى «بنتلي» إضافية، والمجتمع وسامي سيفرحون ويثمنون العطاء بشكل أكبر إن أسس الوليد مدرسة رياضية باسم اللاعب القدير لتحفيز وتطوير المواهب الكروية الناشئة، تُعنى بتبني البراعم وتأمين بيئة رياضية متطورة لتحفيز مهاراتهم وتحسينها تحت إشرافه شخصيا ً، لنضمن امتداد نجاح وتبلور مسيرة سامي وانتقالها كروح وفكر إلى الأجيال القادمة، التي نشأت وهي تتابعه وزملاءه من اللاعبين في المستطيل الأخضر يحققون إنجازات مشهودة ويمثلون الوطن في محافل دولية مختلفة.
سامي الجابر ليس إلا نموذجا ً انطلقت به للحديث عن أسماء ظلمت إعلاميا ً ولم تمنحها الرئاسة العامة لرعاية الشباب حقها على الرغم من عطائها وتفانيها في خدمة مسيرة الكرة السعودية بكافة مكوناتها وتجلياتها، البعض منهم مارس دورا ً إداريا ً وأحدث نقلة في تطوير الرياضة السعودية، أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، والدي عصام الخميس، عبدلله الدبل، راشد الحريول.. هؤلاء الذين فارقوا الحياة بعد أن تركوا بصمات وسمات ظاهرة وقدموا أغلى سنوات حياتهم في سبيل خدمة الرياضة، ولكنهم لم يلقوا التكريم المستحق لإحياء ذكرهم وتثمين فكرهم.
هم ليسوا وحدهم، فلماذا لم نشهد حتى الآن مدرسة رياضية باسم ماجد عبدالله؟ أو بطولة مدرسية باسم يوسف الثنيان؟ أو برنامجا ً صيفيا ً يحمل اسم صالح النعيمة؟ وغيرهم من الرياضيين الذين لطالما رسموا البهجة والفرحة في قلوب الجماهير، ولبّوا نداء الوطن المرتفع في أعماقهم حينما توشحوا «الفانيلات» الخضراء في بطولات عربية وعالمية على مدى سنوات طويلة من حياتهم.
فمتى سنتعلم تثمين إنجازات الرواد وعطاء الرموز بمشاريع ذات فكر يستثمر خبراتهم؟ ويحيي أعمالهم ويتبنى فكرهم ورؤيتهم لاستشراف المستقبل؟ ومتى ندرك بأن الأمم الناهضة والمتقدمة هي من تكرّم روادها وتحتفي بإنجازاتهم، ليس بشيكات مالية أو شرهات مغرية أو حفلات مكلفة بل مشاريع ضخمة تنتج نسخا ً جديدة بل معدلة ومتطورة منهم.