الجولات الرقابية التي تنفذها البلديات ووزارة التجارة والدفاع المدني وغيرها من الجهات الحكومية تجد ارتياحاً وترحيباً من كافة فئات المجتمع، بل إن كل مواطن كان ينتظر هذه اللفتات الجادة والوقوف بوجه كل عابث ومتلاعب بمصالح الناس، وكل متجاوز للنظام فيما يتعلق بالغش والتدليس على الناس في معيشتهم ومتطلباتهم الحياتية اليومية، واستغلال حاجاتهم برفع الأسعار وتزوير المنتجات، وتقليد الشعارات والملصقات لخداع المتسوقين بمواد رخيصة مقلدة قد يكون ضررها أكثر من نفعها، هذه الجولات الرقابية تأتي تنفيذاً للتوجيهات الصادرة لجهات الاختصاص لتوحيد الجهود وتظافرها لتشديد الرقابة الصحية على جميع المنشآت الغذائية، والمحالّ المتعلقة بالصحة العامة؛ بهدف التأكد من تطبيق اللوائح والاشتراطات الصحية المقررة، سواء في مباني هذه المنشآت أو شروط النظافة العامة، والنظافة الشخصية للعاملين بها، وحصولهم على الشهادات الصحية التي تثبت خلوّهم من الأمراض، هذا ما يريده المواطن من المسئول وهو ما يجب أن يكون، ويؤمل أن يستمر، غير أن الملفت أن الأخبار تنقل لنا يومياً جملة من حالات إيقاف العمالة المخالفة في هذه المنشآت ومصادرة كميات من اللحوم والأسماك والدجاج والطيور والفواكه والخضار والمواد الغذائية المتعددة التي لا تناسب الاستهلاك الآدمي، تخزن بمستودعات وأحواش بدائية مخالفة للاشتراطات الصحية ومتطلبات السلامة، ومع تكرار الجولات أو ما يسمى (الحملات) لا يلاحظ انخفاضا بعدد العمالة المخالفة الموقوفة، أو كميات الأطعمة المصادرة، وهذا مرده على ما يبدو إلى أن العقوبات لا تتغير وتتصاعد بحسب حجم الجرم والمخالفة، بمعنى أن المؤسسات المخالفة وعمالتها قد درسوا الأنظمة وأسلوب تنفيذها واطمأنت قلوبهم، فهم حين يُمنعون عن عملية ترويج بضاعة من بين عشرات العمليات لا يخسرون شيئاً لأنهم يعوّضون ما فقدوه في أعمال لاحقة طالما أن الروتين الرقابي والعقابي في خدمتهم دون قصد من المسئولين، إذن والحالة هذه فالواجب انتهاج مسارات وأساليب متجددة مطورة تناسب الموقف وتقف للمتلاعبين بالمرصاد، وتُلقّن المستهترين المستهزئين بالأنظمة دروساً في الامتثال والانضباط، وليعلموا: كما أنهم يبحثون عن المكاسب فإن المواطن الذي يدفع الثمن يريد سلعة نظيفة سليمة من الأذى، وحريّ بالجهات الرقابية أن تتعرف على حيل وخدع كل مراوغ يتذاكى على الأنظمة وذلك لمحاصرتهم وكف شرورهمعن البلاد والعباد، فمنهم من ينقل مستودعاته إلى القرى المجاورة للمدن وإلى هجر بعيدة عن الرقابة، مستودعات سيئة كفيلة بإتلاف ما لا يتلف، فإذا كنتم بالمدن تواجهون كل هذه المخالفات فما الذي يحدث في بعض المحافظات والقرى والهجر، عمالة تعبث بصحة المواطن، زوجات وافدين يعملون بمحافظات وقراها يملكن مطاعم متعددة متنوعة ومسجلة تستراً باسم آخرين، فما الذي ستقدمه للمستهلك؟! من أين جاءت وما هو مصدر كميات اللحوم الفاسدة، كيف دخلت البلاد ومن الذي يعمل على إدخالها وغشنا بها وجني أرباح طائلة باعتلال صحتنا؟ من المهم جدا مراقبة مصادر دخول اللحوم والخضار غير الصالحة والفاسدة، ومنع دخولها والإيقاع بالمجرمين المتاجرين بصحة المواطن، وبالتأكيد هم لا يأكلون منها فهم يعلمون مصدرها وسوءها ودرجة فسادها، الأنظمة والعقوبات ليست جماداً مُصمتاً، هي من إعداد البشر ويمكن مراجعتها وتقييمها وتعديلها بما يتلاءم وطبيعة الواقع المعاش ليمكن تسميتها أنظمة.