يوم الاثنين السابع من أبريل الماضي كان من الأيام الملفتة في نوعية الحوادث المؤسفة التي وقعت خلاله، وليس لأن الأيام الأخرى لم تحمل أحداثاً مماثلة، إنما النوع كان هو الصفة الأبرز في الوقائع، مدار الحديث نظراً للتقارب والتجانس الغالب عليها، وإلاّ فإن اليوم ذاته لابد أنه قد شهد من الأحداث المؤلمة المختلفة، كما أنه لم يَخْل من الأنباء السارة والمواقف المفرحة، والأحداث هذه وإن كانت متفرقة في مناطق ومحافظات متباعدة مع العوامل المشتركة التي تربط بينها، فإن هذا مؤشر على أنها تستشري وتتزايد في بلادنا، ولها أسبابها ومثيراتها، سأتلو لكم ذكراً موجزاً عنها اعتماداً على مصادرها، فقد قُتل شاب (24 سنة) في ساعة متأخرة يوم الاثنين 7 أبريل بعد تلقيه طعنة نافذة بظهره في مضاربة جماعية وقعت عند إحدى صالات الألعاب الإلكترونية وسط الخرج، وفي اليوم نفسه حدث يطعن آخر طعنة نافذة إلى رئتيه أمام المدرسة بحائل بمساعدة آخرين، وبحسب أحد المعلمين فإن الطالب الحدث سبق له العام الماضي التهجم على معلم بعصا حديدية، ونقلت مصادر أن مضاربة جماعية نشبت مع بداية الحصة الأولى صباح ذاك اليوم بمشاركة العشرات من الطلاب الذين ينتمون لقبيلتين مختلفتين، ويدرسون بمجمع مدارس يلملم شمال محافظة الليث، وفي عرعر شمالاً نجحت الشرطة في إلقاء القبض على شاب عشريني قام برفقة شخصين آخرين بطعن مواطن بآلة حادة وسرقة سيارته، وفي جازان وبذات اليوم، شاب يصيب نفسه بطلق ناري (من الجهة الخلفية) لرأسه ويلقى مصرعه، صحف اليوم التالية لذاك اليوم يبدو أني تركتها جملة دون تصفح لاستغنائي أحياناً بالتقنية، وبتقليبها لاحقاً لاحظت الأخبار آنفة الذكر بما تنطوي عليه من أحوال بعض شباب وفتيان بلادنا الغالية، ويحز بالنفس هذا التحول الى الجاهلية الحديثة من طرق التفاهم والتحاور بالسلاح، واستبعاد وإهمال نعمة وملكات العقل، وتحكيم المنطق في تجاوز أي طارئ وحل أي إشكال بين طرفين أو مجموعتين، الدوائر المختصة تشرع أبوابها لتلقّي أي شكوى أو تظلم وحله بالسبل المتبعة والأصول المرعية شرعاً ونظاماً، ولو أن بالإمكان ترك كل من أراد أخذ حقه الذي يدّعيه بنفسه لما فتحت هذه الأبواب ولما حشدت هذه الطاقات والإمكانات البشرية والمادية خلفها، إنما كان كل ذلكم لخدمة أصحاب الحقوق بالطرق الشرعية الحضارية، وليدرك الفتيان أن زمن العنتريات والفُتُوّات الزائفة التي يشاهدونها في بض الأفلام والمسلسلات القديمة وربما الحديثة قد انتهت، ولا بديل عن النظام والحوار المتمدن والجدل بالتي هي أحسن، فإن لم يفلح طرفا النزاع يُرَد الأمر الى جهات الاختصاص، مع بقاء الود والاحترام للجميع، فما هي إلا مشكلة تحدث ولها من يحلها، ولا علاقة (للجنبية والشبرية والعجرى) وبقية المحرمات في غير مكانها وزمانها من الأسلحة التي يتباهى الآن (بعض) الفتيان باقتنائها وحملها، وحين يسافر هؤلاء الفتية الى بلاد أخرى فإنهم يَتَعيّبون ويستنكفون من حمل مثل هذا السلاح (لو استطاعوا)، فيما يعدّونه من مقومات الشجاعة في مجتمعهم، ولو سالت أحدهم لماذا أهملت ما كنت تحمله؟ سيجيبك: (يا غريب كن أديب)، وهل الأدب ثوب للزينة فقط؟!