أطلقت مجموعة من الناشطين عبر موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) وسماً بعنوان: عمال النظافة إخوان لنا ارحموهم، وذلك للتعاطف معهم بكل المناطق، وأشاروا إلى أنهم يعملون خلال هذه الأيام تحت الشمس الحارقة رغم تدني رواتبهم، وأدلى المشاركون بآراء متعددة تصب في صالح هؤلاء العمال، ولا غرابة فنحن مجتمع محب للخير بل إن إشارة أو تغريدة واحدة كفيلة باجتذاب الآلاف، أنا لست ضد أي عمل إنساني وربما أكون أحد المسارعين إليه في مواقف وأحايين كثيرة، لكني لا أحب ولا أشجع (درعمة) المتسرّعين، ففي موضوع عمال النظافة يجب أن نتساءل أين شركاتهم التي تبرم العقود الضخمة مع الأمانات، وتتضمن بنوداً للاهتمام بسقايتهم وتنقلاتهم وحمايتهم من الحر والبرد بما اتفق عليه وبما تغطيه مبالغ العقود، بمعنى أنه محسوب أصلاً وكأن الشركة لا تتحمله، لكنها تقبض ثمنه وعليها أن تُنفّذه، غير أن المشاهد هو أن العامل في كثير من المواقع يغطي مساحة كبيرة من الحي، ولا يملك من الأدوات سوى مكنسة وكرتون فارغ يلتقطه من حاوية النفايات أو من جانب البقالة، وإذا تَلِفَت مكنسته صنع لنفسه أخرى باجتهاده، وهذه المعاناة وَلّدت لديهم انعكاسات سلبية تجاه المهنة والمجتمع فبدأ بعضهم يعمل لنفسه من جمع المواد وفرزها وبيعها على حساب المهنة الأصلية، وامتهنوا التسول في الأحياء وعند إشارات المرور، حتى أن من ليس في وردية عمل يلبس زي العمل ويمسك مكنسة ويقف عند إشارة مرورية وكأنها ملك له لا يقربها أي متسول عربي أو أعجمي، وحين لم يجدوا من يدقق زادت أنشطتهم فتعاونوا مع العاملات المنزليات بالسرقات والتخابر عن أحوال المنازل، ووصل بهم الأمر في فترات سابقة قبل اكتشافهم إلى نقل المسروقات بسيارات البلدية ذاتها، فيما يشبه المقاطع الكوميدية أو ما يسميه الشباب الآن (الطقطقة) علينا وعلى أنظمتنا المُسترخية، أما المنفذون -فيما أعتقد- فهم تلك العمالة السائبة التي تجوب الأحياء على الدراجات الهوائية دون كلل أو ملل وبحوزة كل منهم أكثر من هاتف نقّال.
نعم هم بمُرتّبات متدنية وأوضاع تدعو للشفقة لكنهم في ذمة شركات قادرة، ويؤكد كلامي ما بادرت به الإدارة العامة للنظافة بأمانة منطقة القصيم بتوفير حقيبة صيفية لعمال النظافة العاملين في الشوارع والميادين؛ بينما توعّدت المقاولين المخالفين بغرامات مالية، وأوضح مدير عام النظافة بالأمانة المهندس مزيد المزيد، أن الحقيبة الصيفية تحتوي على وسائل سلامة وحماية ومشروبات صحية للمحافظة على الاحتياج الجسدي، مشيراً إلى أن هذه المبادرة تأتي استشعاراً بأهمية توفير الرعاية المتواصلة للعمالة الميدانية، وكشف أن الأمانة تشترط على مقاولي النظافة في كراسات الشروط والمواصفات توفير حافلات نقل خاصة ومناسبة للعمالة، للمحافظة على السلامة العامة وتطبيقاً للأنظمة المرورية، مؤكداً أن من يخالف ذلك من المقاولين يتعرض لعقوبات وغرامات مالية.
أعود للهاشتاق (الوسم) سالف الذكر الذي يشير إلى أن مرتباتهم قليلة، فهذه مشكلة محلولة عندهم إما بالتسول أو السرقات أو بهما معاً فكل وضميره ومهارته، رغم أني أشك بمسألة الضمير بناء على نوعيات ما تستقدمه الشركات من عمالة متدنية، إن لم تكن الأسوأ على وجه الأرض.