إن التراث الشعبي هو موروث عاشه الآباء والأجداد على مر السنين، فكل بيئته لها تراثها الذي بعير عنها فالبيئة البدوية تعيش في الصحراء وترعى الإبل والأغنام وتبحث عن الأماكن التي يكثر فيها الكلأ وتتساقط فيها الأمطار وتمارس هواية الصيد وحياكه بيوت الشعر كذلك الحصول على الحليب من هذه الماشية وشربه وصناعة السمن والأقط منه أيضاً الحرص على مزاولة العرضة والمسامرات الليلية التي تتم بين الجيران في هذه البوادي وما يتخللها من كرم الضيافة الذي هو سمة لأهل البادية لمن يزورهم أو يسترشدهم في البحث عن أماكن الرعي وماشيته الضائعة.
البادية ليست بعيدة عن ما يحدث في الساحة ولاسيما المرتبط بوطنها، فكل قبيلة لها رئيس يرسخ عندها طرق الولاء والطاعة لولاة الأمر عادة يكون همزة وصل لتحقيق وإيصال مطالبها والعوائق التي تواجها في حياتها البرية والاجتماعية..
إضافة إلى ذلك فإن البيئة البدوية ليست بعيدة في موروثها عن المكونات الأخرى المجتمعية فموروثها حاضر يعبر عن سماتها وخصوصيتها الذي يسجل لها ضمن ثقافة الموروث العام للدولة، وقبل هذا وذاك التراث الشعبي ليس منفصلاً عن التراث الخالد للأمة فهو يأخذ توجيهاته منه في كل شي، وخصوصاً في هذا الوقت الذي انتشر فيه الوعي والتعليم كذلك هناك التراث الشعبي في البيئة الزراعية الذي يلتقى مع التراث في البادية من حيث الماء وتربية الماشية تجده يركز على كل ما يرتبط بالزراعة فزارعة التخيل والاستفادة من تمورها ومخلفاتها كذلك زراعة الحبوب والفواكه والخضار والأشجار وغيرها من المحاصيل الزراعية أيضاً السكن الذي يسكن فيه المزارع تجد معظم مقومات البناء فيه من الزراعة مثل جريد النخيل والأثل كذلك البيئة الزراعية توجد فيها مدارس للكتاتيب التي تحولت إلى مدارس نظامية لازالت هذه البيئة تتمتع بموروثها وعادتها وتقاليدها فالعرضة والأهازيج حاضرة في أعياد وأفراح- هذه البيئة كذلك الصناعات البدوية مثل صناعة الأسلحة الخفيفة والأحذية وصناعة الأبواب والشبابيك وغيرها من الصناعات المرتبطة بالزراعة أيضاً التراث في البيئة الزراعية مرتبط بما يحدث في المدينة من الناحية الإدارية، ولكن موروثه يتمتع بخاصية ولكنها لا تحيذ عن الموروث الخالد لهذه الأمة..
أما الموروث الآخر الذي يحتضن تراث الدولة مجتمعة الذي يعبر عن تراث المجتمع كافة لكل مناطق المملكة والمتمثل في المبادرات التي تأتي من الدولة من خلال مهرجان الجنادرية المشفق على هذا التراث والحريص على استمراره على مر الأجيال في ظل أعمال محسوسة مما جعل الجنادرية تربط أبناء هذا التراث بالسوق المحلي من الناحية الانتاجية لتكون مصدراً هاماً من مصادر الرزق لهم كذلك الجنادرية استغلت هذه المهرجان أن يكون فرصة للتعريف والتواصل مع المفهوم الشامل للتراث، والذي تتخلله الكثير من القيم الروحية والثقافية والحضارية.
والله من وراء القصد...