في الستينيات والسبعينيات الميلادية والإعلام العربي لم تكن له وجهة إعلامية موحدة وحتى الهوية متباينة من بلد إلى بلد لأن الذي طغى الجانب السياسي الذي عادة يعطي مساحة للحرية الإعلامية في مجال الفن وبلا حدود حتى وإن تجاوزت الخطوط الحمراء، ويقصد من ذلك أن تكون عملية امتصاص للمستمع والمشاهد والقارئ، أما الجهات الأخرى التي لها نزعة سياسية ومطالب للحرية والعدالة فلن يسمح لها بذلك ويكتفى بالجهة الرسمية الحكومية المسؤولة عن الإعلام، واستمر هذا النهج حتى عصرنا الحاضر باستثناء دول وهي قليلة، ومن بينها بعض دول الخليج ولكنها تختلف عن الدول العربية الأخرى في أنها لم تكن بعيدة عن التمسك بهويتها العربية الإسلامية لأن مكونات شعوبها البيئية والدينية قريبة من بعضها وتوجهات قيادتها تميل إلى التمسك بالهوية وإن كان هناك انزعاج من استغلال سقف الحرية الذي تتمتع به دول الخليج حيث نجد في بعض دوله طغت الثقافة الغربية ولاسيما في النشر وخصوصاً المترجم منها، فتجد مؤسسة محسوبة على الدولة تجد معظم إصداراتها تصب في البحث في أروقة الثقافة الغربية حتى وإن كانت دون التطلعات ولم تحصرها في البحث عن الحكمة وهذا المنهج قد يسهم في إيجاد جيل عنده لوثة فكرية تجعله يشكك في هويته العربية كما حصل خلال العقود الماضية التي تعرضت فيه هويتنا العربية إلى إهمال شبه متعمد، ونتذكر الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي الذي كان يقوده الاتحاد السوفيتي السابق فكتب لينين وماركس وكتب المتأثرين بهما في العالم العربي تجدها في المكتبات العامة ومعارض الكتب دون رقيب، وبالمقابل نجد كتب مليوفان دجلاس وريمون أرون موجودة في مكتبات الدول التي لا تتفق مع توجهات الاتحاد السوفيتي، ولكن مؤلفات هؤلاء فيها جوانب إيجابية لأنها لم تصل إلى درجة الإلحاد كما هو الحاصل في الكتب لماركسية، والآن العالم العربي تجاوز هذه المرحلة وأصبح الوضع أفضل من السابق لأن سقف الوعي ارتفع أكثر والحرية كذلك ولكن بعض المسئولين عن الثقافة بعض منهم من المتأثرين بالثقافات السابقة أو من الذين درسوا في إحدى دول المعسكرين دون ان يكون لديهم حصانة فكرية ونقلوا الكثير من الثقافات إلى دولهم دون تأصيل حتى الالتزام بأبسط القيم العربية غير موجود، فكثيراً ما أقيمت بعض المهرجانات الثقافية الصاخبة التي تجمع الجنسين ويتخللها الغناءالرقص المختلط الذي يقام باسم الثقافة دون رقيب. بالمقابل نجد الأنشطة الثقافية الأخرى التي تأصل القيم لا تجد اهتماما من قبل بعض المسؤولين عن الثقافة في بعض الدول العربية والتي لم تسلم من المحاربة والالصاق التهم بها، وهنا أتساءل أين هذه الدول من الالتزامات التي أخذتها على نفسها حين شاركت ووقعت على الخطة الشاملة للثقافة العربية التي ورد في بعض أسسها:
1- تنمية القيم الروحية واستلهامها.
2- العناية باللغة العربية.
3- الثقافة جزء من التنمية.
4- تقوية أواصر الوحدة.
5- ضمان الحرية الثقافية وتوطيدها.
6- شمولية المشاركة الثقافية.
7- تحقيق الأمن الثقافي.
أخي القارئ الكريم عندما تتعمق في واقع ثقافتنا العربية ومدى التزامها بالخطة الشاملة للثقافة العربية نجد ان معظم الدول العربية لم تلتزم بها وجعلتها من الماضي باستثناء بعض الدول التي فعلت بعض ما ورد في هذه الخطة ومن بينها المملكة التي أولت اهتماماً بالغاً بالقيم الروحية والحوار مع الثقافات وشمولية المشاركة الثقافية وتحقيق الأمن الثقافي.
والله من وراء القصد.