اقترب شهر الإحسان، وشهر الغفران والرحمة والإيمان، شهر الانتصارات والوحدة والبركة من الرحمن، شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن كتاب الله الكريم الذي نعتبره الموجه الأساسي لنا جميعاً كمسلمين، وهو الذي أنزله الله على محمد ليرشدنا ويعلمنا كل الأعمال الخيّرة التي تواجه كل مشكلات المجتمع كبيرة وصغيرة. لقد اقترب رمضان وكلنا ندرك جميعاً ما لهذا الشهر من مكانة عظيمة في حياتنا، لأنه شهر عبادة، وشهر إحسان وتعاضد وتكاتف بين أبناء الإسلام. يأتي رمضان وهناك الكثير من المجتمع أناس يعانون من سطوة الفقر الذي يعد من مصائب الدنيا، لأنه خطر على العقيدة والسلوك والأخلاق والفكر، وبسببه تفككت كثير من الأسر والمجتمعات وعبر كل الأزمنة، حتى أن هناك حقيقة ذكرها القرآن وهي إن هناك آباء قتلوا أولادهم من هول الفقر، وقد نهاهم سبحانه وتعالى عن هذا الفعل، قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ } (151) سورة الأنعام.
ولكون الفقر شراً يستعاذ بالله منه فقد استعاذ منه سيد البشرية محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأمر أمته بأن تستعيذ منه، قال عليه أفضل الصلاة والسلام (استعيذوا بالله من الفقر والعيلة) لأن نبي الهدى يدرك ما يسببه الفقر للإنسان من مشكلات لا حصر لها، ومع تطور الزمن فقد تطورت مشكلات الفقر وأصبح في هذا العصر سبباً رئساً للإرهاب والخروج عن الصف والتأخير عن مواصلة الحفاظ على القيم والأهداف السامية! ومادام الأمر كذلك وما دمنا أحفاداً للسلف الصالح الذين يعتبرون البذل والعطاء والكرم من مكارم الأخلاق ومن الفضائل الخلقية في الإسلام، فما الذي يمنعنا من محاربة هذا الشر، ويأتي ذلك من خلال مد يد العون والمساعدة لكل من يعانون من الديون والبؤس والحرمان والحاجة، والاقتداء بنبي الرحمة الذي أكد أن المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص. لقد كثرت النداءات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من كثير من الذين يعانون من الفقر والرب أعلم بهم إلى رجالات الدولة وأصحاب الأموال ولا زالت مستمرة! ولكن التجاوب قليل جداً إن لم يكن معدوماً، ألم نعلم إن الكرم والعطاء من أسباب البركة ودفع الشرور والسمعة الحسنة. وفي المقابل فإن البخل والشح من العيوب التي لا تليق بالعربي الأصيل، نعم إن هناك من مجتمعنا المعسرين والأرامل والأيتام وذوي الكروب، وقد بينت لنا الأحاديث أن الساعي على الأرملة والمساكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار؟ استقبلوا رمضان في عمل الخير في شتى صوره وسهلوا السبل للفقراء ليقولوا اللهم أعط كل منفقٍ خلفاً، ولا تتركوهم يرددون اللهم أعط كل ممسك تلفاً، واتقوا كل آفات الدهر وكوارثه، واعلموا يا أهل المليارات أنكم ترتبطون مع المجتمع بروابط أخلاقية وعقائدية تحتم عليكم الوقوف إلى جانب الضعفاء والفقراء، إن الجميع يتحمل المسؤولية في محاربة هذا الشر والقضاء عليه فهل من مجيب؟