المستعمرون الجدد عرب

كل عاقل مدرك يعرف أن الحياة أهم الحقوق الإِنسانية، وقد تكفل الإسلام بحمايتها وبين أن دم الإنسان حرام ولا يجوز سفكه وإن حياته مصونة لا يجوز على الإطلاق الاعتداء عليها لأن من يعتدي على حياة إنسان واحد يُعدُّ معتديًّا على الإِنسانية جميعها، لأن الفرد الواحد يمثِّل الإِنسانية كلّّها

قال تعالى.{مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأرض فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جميعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} (32) سورة المائدة.

إن ديننا الإسلامي الحنيف يدرك أن الحياة أكبر نعمة ينالها الإنسان من ربه الذي خلقه وهو وحده المتصرف جل وعلا بحياة العباد ولا يحق لأيِّ مخلوق أن يتسبب بإنهائها؟ إن ما نشاهده اليوم عبر وسائل الإعلام يخالف تمامًا ما نص عليه المولى سبحانه وتعالى وما نهى عنه نبيه صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، الذي خاطب البشرية جمعاء عندما وقف في حجة الوداع ليقول: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا؟ فهذه ميادين أغلب الدول العربية وشوارعها وحاراتها تعج بهذا الأمر الخطير من قتل وسلب وتدمير ممتلكات وهذه أشلاء الأجساد تتناثر بسبب التفجيرات وقذائف المدافع والبراميل المتفجرة؟ وهذه أرواح الأطفال والنساء والشيوخ تزهق دون حق؟ وهذه حرياتهم تسلب ودماء تهدر، لقد عانى كثير من العرب عبر أجيال سابقة من الاستعمار لأعوام طويلة كان فيها القتل من قبل المستعمر لتطويعهم وإخضاعهم وإذلالهم وكسر شوكتهم واليوم لا يوجد مستعمر ولا استعمار وأصبح العرب يديرون شؤونهم بأنفسهم وتحت سلطه يقوم بها أشخاص من أبناء جلدتهم وتحوّل هؤلاء إلى مستعمرين جدد أشد قسوة واستخدموا كافة أنواع الأسلحة لقتل بعضهم البعض؟ حتى إن من أزهقت أرواحهم وانتهكت كرامتهم أضعاف من قتل أثناء الاستعمار البغيض لعدد من الدول العربية إذا استثنينا حرب التحرير في الجزائر؟ وها هم بعض من يدعون العروبة تناسوا تحكيم العقل وحقن الدماء واستخدموا الإعلام المضلل لتحريض بعضهم على الآخر؟ استخدموا القوة المفرطة لإضعاف الأمة وتخلفها واستبدَّلوا التعمير بالتدمير وأصبحت الإنجازات التي تأمل الأجيال تحقيقها وقودًا للفتن والنزاعات؟ اشتروا السلاح بملايين الدولارات ليس لصد صائل معتدٍ على الأرض والعرض أو عدو للدين ولكن لقتل الأبرياء حتَّى أصبحت دولهم اسمًا فقط لا يمثِّل أيّ ثقل على مستوى العالم وجعلوا من هذه الدول ألعوبة بيد الأعداء والمتربصين يسيرونها كيفما يريدون لقد نسوا أن الإسلام دين محبه وليس دين قتل واعتداء ولم يدركوا أنّه دين ثقافة وأسلوب كامل للحياة التي تحب الخير وتريد استمراره وترفض الشر وتأمل قطع دابره؟ إن كل من يسهم في الإساءة إلى كرامة الحياة يجب أن يعود إلى الله ويعرف القيمة التي تمثّلها هذه الحياة وأن كل عربي مدعو لترك الفتنة وأن يتيح الفرصة لنفسه وللآخرين بالعيش بأمن ورخاء واستقرار ومحبة وسلام وحماية الحياة.