السياحة صناعة متكاملة، وهي مهنة تحتاج شيئاً من الاستقرار كي تحقق أهدافها، وجهود سمو الأمير سلطان بن سلمان - حفظه الله - واضحة ومشكورة في هذا الجانب، لكن يتطلب ذلك فرض معايير لصناعة السياحة بدلاً من حالة التناقضات، والارتفاعات في الأسعار الملفتة للانتباه، والتي تُؤكد غياب البعد الرقابي، رغم أن هذا التضارب مضر بالسياحة.
إن البعض يعتبرها فرصاً قد لا تأتي دائماً، مع أن السياحة كصناعة تعني القدرة على الجذب والقدرة على تقديم خدمات نوعية، لأن غياب هذين العنصرين، يُؤسسان للفوضى وللبحث عن مناطق سياحية مجاورة، فارتفاع الأجور من سكن وإقامة، ونقل وخدمات، يجب أن يكون مؤسسياً وبما يعكس حجم الجودة، لكن أن تصبح الأمور مزاجية، فهذا الأمر منفر، وغير مقبول، ومقلق أيضاً.
فقطاع السياحة لدينا يشهد تطوراً ملحوظاً، يسهم في الناتج المحلي، ويدعم الاقتصاد الوطني.. قطاع ضخم، ومهم جداً، ويشكّل مصدر دخل رئيسياً إذا ما التفتنا إليه بحق، وإذا ما عملنا على خلق صناعة سياحية ذات مواصفات متقدِّمة، ولا شك أن السياحة الداخلية، تسير بخطى جيدة وتشهد تطوراً كبيراً، وذلك بالجهود التي تقوم بها الهيئة العامة للسياحة والآثار، لتحويل السياحة في المملكة إلى قطاع منتج اقتصادياً، وتوفر فرص عمل للمواطنين.
كما أن القطاع السياحي في المملكة بحاجة إلى تنمية وتطوير وتسويق شاملة بحيث تكون هذه التنمية ضمن تصور إستراتيجي لكافة الشركاء المعنيين بالتنمية السياحية المحلية، وكي لا تكون الأعمال فردية، ولا يعيق بعضها الآخر في تحقيق إستراتيجياتها التنموية، وأيضاً من خلال التوعية والإعلام، وتعريف السياح القادمين إلى المملكة بأن لدينا سياحة متميزة وممتعة، يمكن أن ينقلوها إلى بلادهم.
كما يجب على وكالات السياحة التعريف بالسياحة السعودية، لأن المملكة تملك مواقع سياحية ممتازة، لكنها مهجورة وغير معروفة للعالم الآخر، والعمل على نقل الخبرات الدولية والاستفادة منها، وكيف تتعامل الدول مع السياحة المحلية، والتنظيم الأفضل للبرامج السياحية، والمهرجانات والفعاليات، وبناء برامج وحزم تسويقية لأماكن سياحية محلية جديدة.
ونطالب بإيجاد معايير تُصنّف على إثرها أماكن الإيواء، وضرورة إيقاف فوضى ارتفاع الأسعار خصوصاً في الصيف والمواسم، ونأمل تطوير مكاتب وكالات السياحة المحلية، لأنها لا تزال تعمل بصورة بدائية، حيث تعتمد على بيع الفندق فقط، بينما المطلوب من المكاتب أن تضع برامج العطلات المحلية بالكامل وبرامج مميزة تتناسب مع جميع متطلبات السياح، كما يجب إعادة تنظيم سوق وكالات السياحة والسفر المحلية، وتطوير أعمالها في جميع مناطق المملكة لتكون السياحة رافداً لاقتصاد الوطن، وحلاً لمشكلة البطالة.
الدولة مشكورة على جهودها بالعناية بالسياحة المحلية وبنعمة الأمن والاستقرار، فإنها مدعوة أيضاً للتفكير بهذا المنطق لأن هناك غياب معلومات وبيانات وضعفاً مبذولاً من قِبل وزارة التخطيط والاقتصاد، حيث اتضح أنها لا تملك إحصائيات لقياس مستوى الإسكان، وتوفر السلع والمواد الغذائية، وخدمات النقل، لذا نتمنى من هيئة السياحة والجهات المختصة الأخرى عقد اجتماعات دورية لتفعيل الجانب الاقتصادي السياحي المحلي، واستقطاب الكفاءات الوطنية وتوفير المعلومات، والبيانات الإحصائية السياحية، ودعم الاقتصاد الوطني.
المشهود لسمو الأمير سلطان بن سلمان، حسن الإدارة والتنظيم وتطوير السياحة في بلادنا بجهوده الكبيرة والمتميزة، فالتطوير الاستثنائي الذي حصل أخيراً في جميع مناطق المملكة رغم العوائق الكثيرة، ولكن ما هو ممكن تحقيقه على نحو عاجل وإيجابي يا سمو الأمير، هو أسعار الشقق والفنادق، وأسعار المواد الغذائية وأسعار النقل والمنتزهات، التي تضاعفت أسعارها على المواطن، فهي تحتاج إلى مزيد من الرقابة لكي لا تصبح الأمور فوضى، واستغلالاً، وفرصاً لاستعجال الثراء بينما يخسر اقتصادنا جزءاً من مقوماته، وقوته المعنوية.