مطار (القنفذة) .. في (مهب الريح)..؟!!

) زرت محافظة القنفذة أكثر من ثلاث مرات؛ بدعوة من أصدقائي فيها، وفي مقدمتهم الصديق الشاعر حمزة الشريف، ولي لقاءات لا تنسى مع أعلامها ومسؤوليها، ومنهم الشيخ المؤرخ الثبت حسن بن إبراهيم الفقيه.

) كانت الزيارة الأولى عام 1413هـ، وكانت آخر زيارة في العام 1423هـ على ما أظن، وكنت أخرج بعد كل زيارة لهذه البقعة الوادعة بين جبال السراة والبحر الأحمر، بالعديد من الانطباعات والأفكار، التي تتحول عندي إلى تقارير صحافية، ومقالات تقدم القنفذة كبلدة نامية، وتعرض لهموم ومطالب أهلها، وبين كل زيارة وأخرى لا أجد تغييراً يذكر حقيقة، وحتى اليوم كذلك، فإني لا ألمس تغييراً جوهرياً قارب هموم سكان القنفذة والليث وحلي، وما أحاط بها من مراكز وبلدات، تشكل في مجموعها ما يمكن أن يكون منطقة إدارية مهمة بين ثلاث مناطق هي: مكة المكرمة، وعسير، والباحة.

) يأتي على رأس هموم ومطالب أهالي القنفذة والليث وحلي والعرضيات وخلافها من المراكز والبلدات، إيجاد مطار إقليمي، يوفر على مئات آلاف المواطنين هنا؛ عناء السفر البري من وإلى مطاري جدة والعقيق، فمطار جدة يبعد عن مدينة القنفذة أكثر من 550كم، ومطار العقيق من شرقي الباحة يبعد عنها 300 كم، والتنمية في القنفذة والليث وما حولهما؛ تسير ببطء شديد في شتى الميادين، فلا ميناء القنفذة تمت إعادته؛ وهو ميناء للحجاج قديم وشهير، ولا ميناء الليث الذي جرى الكلام عليه في الأعوام الأخيرة تم تشغيله، وتظل القنفذة والليث وحلي وكنانة والعرضيات، كما كانت منذ عقود، مدنا طاردة لأبنائها إلى مدن الجوار.

) جرى كلام كثير قبل أربعة أعوام يتعلق بإيجاد مطارفي القنفذة، وقرأنا تقارير تفيد أن مصلحة الطيران اعتمدت المبالغ المخصصة لإنشاء المطار، بعد أن وفرت إمارة منطقة مكة المكرمة الأرض المناسبة لهذا المشروع الحيوي، وكانت بشرى طيبة للسكان ولكل مواطن يعرف أهمية هذه البقعة، وأنها تأخرت كثيراً، وتحتاج إلى مطار وميناء على رأس منظومة من مشاريع تنموية في المستقبل، ثم أخذنا نقرأ بعد ذلك ما يشبه التنصل من الفكرة من أساسها من قبل مصلحة الطيران المدني، بحجج أقل ما يقال عنها أنها واهية، وتقدم معلومات غير دقيقة، وتناولت مع غيري من الكتاب هذا الموضوع مجدداً لبيان واقع القنفذة والليث، وحاجة تهامة الوسطى إلى المطار، فكان مقالي هذا الأخير حول الموضوع ذاته بعنوان: (مع القنفذة.. حتى لا يطير مطارها). نشر بصحيفة الجزيرة عدد يوم الأحد 2 يونيو 2013م تحت هذا الرابط:

(//2013/20130602/ar3.htm )

) هاتفني قبل عدة أيام؛ الصديق الأديب محمد الحمدان؛ صاحب مكتبة قيس التراثية بالرياض، وهو من المهمومين مثلي بهذا الموضوع، ونبهني إلى ما صدر من تصريحات في بعض الصحف؛ منسوبة إلى مصلحة الطيران المدني، وأعجب ما فيها وأحدث ما فيها، أن إمارة منطقة مكة المكرمة لم تسلم الأرض المخصصة للمطار..! وهذا أمر مضحك، خاصة وأنه يأتي بعد تبريرات سابقة منسوبة لمسؤولين في المصلحة تقول غير هذا، وتفيد بأن القنفذة قريبة من الباحة.. هكذا..! ولم تقل المصلحة وقتها بأنها لم تتسلم الأرض، لأنها لو لم تتسلم الأرض؛ لما اعتمدت المبالغ في الميزانية، وبهذا نجد أنفسنا حقيقة أمام واقع جديد، أقل ما يقال عنه أن مطار القنفذة؛ إما أنه طار بشكل نهائي، أو أنه في (مهب الريح).

) إن كل ما يجري من تسريبات وتصريحات صحافية حول مطار القنفذة- الذي ما زال حلماً- ومصدرها مصلحة الطيران المدني تحديداً، إنما تحمل دلالات للتنصل من فكرة المشروع، والعودة عما التزمت به من تخصيص ميزانية سبق الإعلان عنها، وبالتالي؛ وأد لحلم جميل كان يداعب مخيلة قرابة نصف مليون مواطن ومواطنة في تهامة الوسطى بين الليث وحلي وكنانة والعرضيات، في الوقت الذي توجد مطارات في عدد من مدن المملكة، لا يفصل بين المطار والآخر سوى عشرات الكيلات، ويخدم بعضها أقل من مئة ألف نسمة، وهذا أمر جيد لا مغبة فيه، وهو حق لكل مواطن؛ في بلد كبير مثل المملكة العربية السعودية، عبارة عن قارة واسعة لا تعرف من وسائل المواصلات سوى البرية والجوية، المتمثلة في السيارات والطائرات.

) نود أن نقرأ ونسمع رأي مصلحة الطيران المدني مجدداً بكل صراحة ووضوح، فهل طار مطار القنفذة؛ فلا جدوى إذاً من الكلام عليه..؟! ولماذا طار وذهب مع الريح؛ بعد أن خصصت ميزانيته..؟ وما رأي إمارة منطقة مكة المكرمة في دعوى المصلحة بخصوص عدم تسلم الأرض..؟ خاصة ونحن نعرف أن الإمارة سبق لها وأن سلمت موقع المشروع منذ أربعة أعوام..!