تخصيص 80 ملياراً لتطوير التعليم يمثل اهتمام خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- بالتعليم ودعمه السخي لمختلف مشاريع التعليم، مهما كانت ضخامتها. ولكي تتحقق رؤية وزارة التربية والتعليم في التعامل مع هذه المبالغ الضخمة بما يحقق الأهداف النهائية من المشروع، أكرر ما أشرت إليه في مقالات سابقة بأن هناك ضرورة لتقبل مزيد من الأسئلة والنقد في هذا الشأن، بل والتفاعل معه بشكل أكثر إيجابية مما هو حاصل الآن. هذا النقد ضرورة لتطوير العمل وليس يقصد منه التقليل من حماس القائمين على المشروع وتأكيد رغباتهم في جعله مشروعاً تاريخياً يعود نفعه على مستقبل البلاد ومستقبل أبناء وبنات الوطن.
و في هذا الشأن ما زلنا نطرح أسئلة تتعلق بمشروع تطوير الأول -مشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم- الذي بلغت قيمته عشرة مليارات ريال. تحتاج وزارة التربية أن تعلن بشفافية ماذا تحقق في ذلك المشروع وهل تحققت أهدافه بالكامل أو بشكل جزئي وما هي العقبات التي واجهته وغيرها من الأسئلة؟
أبحث هنا عن الجانب التعليمي والجانب الإداري في الموضوع. أريد فهم العائد الفعلي على العملية التعليمية من ذلك المشروع وفق معايير واضحة حصلت في الجانب التعليمي. كما أريد فهم الجانب الإداري وهل ساعدت الآليات الإدارية المتبعة في تحقيق أهداف المشروع الأول أم في تثبيطه؟ كيف نستفيد من خبرتنا السابقة في إدارة المشروع الجديد أو ما أسمية مشروع تطوير الثاني؟
في هذا المقال، بجزأيه، سأستعرض أفكاراً تتعلق بعنصر واحد من عناصر المشروع، ألا وهو التدريب. مشروع تطوير الأول كان يعد بتدريب المعلمين، فهل حدث ذلك وكيف وماذا كانت النتائج؟
حالياً تعد وزارة التربية بتدريب 25 ألف معلم لفترات تصل إلى عام في الدول المتقدمة. هذا طموح كبير لكن هل بنى على تجربة ومعرفة بآليات مثل هذا التدريب، أم سيتحول إلى عقود من الباطن لشركات تدريب تجارية تجهض فوائده المرجوة؟ رصد المبالغ غير كاف لأن تفتح الجامعات العالمية والمؤسسات العالمية المتميزة أبوابها لتدريب معلمينا. الوزارة أوضحت بعض الآليات المتعلقة باختيار المتدربين ضمن بيروقراطية الوزارة، وهذا الأمر لا يهمني هنا بقدر ما تهمني العملية التدريبية ذاتها.
هل يجيد المعلم السعودي/ المعلمة السعودية اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الصنيية حتى يتدرب في تلك الدول دون تعلم لغتها؟ هل يكفي العام الواحد لمعلم سعودي للتدرب في أمريكا أو فرنسا أو كندا أو أستراليا أو بريطانيا، هكذا دون حصوله على اللغة أولاً التي قد تستغرق عاماً وأكثر؟ أم أن التدريب المزعوم سيتحول إلى رحلات سياحية قصيرة يتم من خلالها مشاهدة المنشآت وليس التعمق في فهم النظام التعليمي وطرق التعليم في أي من تلك البلدان؟ أم سيكون ابتعاثاً أشبه بما فعله كثير من أساتذة التربية والتعليم الذين أنجزوا أبحاثهم النظرية وعادوا إلينا دون أي تطبيق عملي ودون فهم التعليم ونظمه الميدانية في بلاد الدراسة المختلفة؟ هل هناك تنسيق في هذا الشأن بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ممثلة في الملحقيات الثقافية في البلدان ذات العلاقة؟
هل تعلمنا من تجاربنا؛ كيف تم تدريب المعلمين في مشروع تطوير الأول؟ هل كان تدريباً مفيداً أم تجارياً عبر شركات جعلته سياحياً في دول ليست من ذوات النخبة تعليمياً على المستوى العالمي؟ وحتى في الماضي البعيد كانت هناك تجربة لتدريب معلمي اللغة الإنجليزية، هل كانت ناجحة؟ وهل هناك دروس تعلمناها منها؟ يتبع