أعلن مؤخراً عن مشروع تطوير التعليم الثاني مع نهاية مرحلة مشروع الملك عبدالله للتطوير، أو ما نعتبره مشروع التطوير الأول، بمبلغ ضخم رصد له 80 بليون ريال، تضاف إلى الميزانية السنوية المقرة للتعليم. وبقدر الترحيب بالمشروع الجديد، جاءت التساؤلات العديدة عن ماذا حدث في مشروع الملك عبدالله لتطوير التعليم، الذي رصد له سابقاً تسعة مليارات ريال؟ هل حقق أهدافه؟ وهل مشروع التطوير الجديد مكملاً للقديم أم أنه مشروع جديد بالكامل؟
التعليم بصفة عامة ليس مشروع بناء أسمنتي ينجز في عام أو خمسة أعوام، بل هو رؤية مستقبلية تحتاج وقتاً طويلاً لتبرز نتائجها وفي جميع الدول التي تبنت النهج الإصلاحي للتعليم استغرقت ربما سنوات قليلة في تغيير الهيكل الإداري وبناء الإستراتيجية أو تطوير المباني، لكنها أخذت سنوات أطول لتلمس نتيجة التغيير، وبعضها احتاج عقداً أو عقدين من الزمان للوصول إلى الهدف أو بعض الأهداف المنشودة. وأكثر ما يقلقني في مكونات مشروع تطوير التعليم هو عنصر الزمن المقترح مقارنة بضخامة حزمة التغييرات المطلوب إحداثها في بنية وهيكل التعليم بكافة مكوناته. وسواء اتفقت مع مكونات التغيير أم لا، فما أعلن من رؤس أقلام تؤكد ضخامة المشروع ومساسه بكافة عناصر العملية التعليمية تقريباً. بل إن البعض يخشى أن يقود تنفيذها خلال وقت متزامن وفي فترة خمس سنوات فقط إلى هدم الهيكل الموجود دون ضمانات واضحة لبناء هيكل جديد مكانه!
ومع تعدد الطروحات المتعلقة بالتعليم، أعتقد أن أحد الوثائق التي تخص التعليم وصدرت في السنوات الأخيرة، هي مشروع الإستراتيجية الوطنية لتطوير التعليم. ورغم أنه لم يكتب عليها تاريخ الإصدار ولم توثق برقم مرجعي في المكتبة الوطنية، إلا أنه من خلال المخطط الزمني تبدو حديثة حيث تتخذ العام الحالي بداية تنفيذها. وقد أوضحت الصعوبات الحاضرة ومنها «توقع النتائج السريعة للمبادرات التطويرية والتخلي عنها، إذا لم تظهر نتائج فورية في معظم الأحيان». هل هذا ما حصل مع مشاريع سابقة؟
نحن نفترض أن القائمين على مشروع التطوير الثاني هم من قام على مشروع التطوير الأول فلماذا بدت التصريحات وكأنها تتحدث عن مشروع جديد وليس عن تنفيذ استراتيجية وطنية أسسها مشروع التطوير الأول؟ لماذا لم تبرز الإستراتيجية للمجتمع والإعلام بصفة عامة، كمسودة قابلة للنقاش والنقد؟ لماذا لم تعرض تلك الإستراتيجية بمجلس الشورى والجامعات وفي الندوات قبل اعتماد مشروعها التنفيذي، مشروع التطوير الثاني؟ هل تختلف مكونات مشروع التطوير الجديد عن مكونات الإستراتيجية؟ ما قيمة الإستراتيجيات الوطنية إذا كنا نصرف على إعدادها الأموال الطائلة ثم نضعها على الرف بمجرد قدوم مسؤول جديد يكون له رؤية مختلفة؟ ألا يفترض أن تكون الإستراتيجيات مؤسسية وتكون مهمة المسؤول تنفيذها بعد اعتمادها من قبل الجهات العليا تنفيذها؟
الإستراتيجية التي أشير إليها تم تعريفها كالتالي:-
«تشمل وثيقة الاستراتيجية الرؤية المستقبلية للتعليم العام، والأسس الإستراتيجية، والأهداف العامة وسياسات تحقيقها، وإجراءات تنفيذ السياسات، مع تحديد النواتج لهذه الإستراتيجية».
ويبين الشكل 1 والجدول 1 هيكل الإستراتيجية وعناصرها. كما تشمل الوثيقة منهجية تنفيذ هذه الإستراتيجية وتحقيق نواتجها وفق أربعة محاور وعلى مدى خطتين خمسيتين، وتحدد الوثيقة عناصر التنفيذ في مبادرات وبرامج ومشاريع تنفيذية، كما تبين آليات متابعة التنفيذ وتقييم أدائه وفق مؤشرات محددة.
وقد أضيف إلى وثيقة الإستراتيجية ملحقات مختصرة تبين المنهجية العلمية المتبعة في إعداد هذه الإستراتيجية وفق أفضل الممارسات العالمية المتخصصة في هذا المجال، كما تبين نتائج الدراسات المعمقة للوضع الراهن».