كان يومًا سعيدًا بامتياز، حمل في طياته ولادة مشروع لطالما انتظره السعوديون، يوم أعاد لأبناء أرض الحرمين شيئا من التفاؤل والرضا بعد مرور أعوام من الانتظار لإطلاق مشاريع رياضية ضخمة، إنه يوم قص شريط ملعب «الجوهرة المشعّة» بحضور أب الشعب ومليكه الطيب عبدلله بن عبدالعزيز ما جعل من فرحة الوطن فرحتين بإنجاز هذا المشروع الرياضي المشرف بكل المقاييس، وإطلالة سيدي خادم الحرمين الشريفين وهو بصحة وعافية إن شاء الله.
هذا الملعب الذي صُمم بمعايير متوافقة مع مقاييس الاتحاد الدولي لكرة القدم «الفيفا» حيث يسع لأكثر من 60 ألف متفرج، بشاشتين عملاقتين ومقاعد مرقمة تسهل على الحضور الوصول إلى أماكنهم، ومدرجات ذات مستويات متفاوتة، تتميز بتقديم رؤية واضحة لأرضية الملعب، وسقف بنسيج غليظ وشبكة فولاذية متينة لوقاية الجماهير من الشمس والأمطار، ومنافذ متطورة لتدفق الهواء في الملعب، ولم ينس القائمون عليه توفير اتصال مجاني بالإنترنت حتى يتاح إلى الحضور التواصل مع العالم خارج حدود الملعب إلكترونيًّا وتحديدًاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كل هذا رائع، ومجهود يذكر فيشكر، ولكن يبقى دورنا نحن معشر الكتاب والصحفيين التأكيد على جوانب مهمة وطرح أسئلة ربما لم تطرح بعد. أهمها المطالبة بإدارة نشطة للإستاد تحرص على جعل تلك الجوهرة مشعّة ومتوهجة طوال العام، وليس قطعة أرض حصريّة ومحتكرة للمواسم الرياضية والمباريات الجماهيرية فقط، من المهم أن يسأل القائمون على بناء هذا الملعب الضخم ذي الطاقة الاستيعابية الهائلة.. كيف يمكن أن «نحلل» المليار والتسع مئة مليون ريال التي صرفت لإنجازه لإمتاع وإفادة الشعب السعودي بكافة أطيافه؟ عبر النشاطات والملتقيات الرياضية والترفيهية بل وحتى الثقافية.. يجب أن يكون مفتوحًا طوال العام للفرق الصغيرة الناشئة وبعض النشاطات والمعسكرات الرياضية المدرسية، وحبذا لو تقام في جنباته احتفالات وطنية كبرى مثل اليوم الوطني ليكون ملاذاً يتلقف ذلك الشباب التائه في الشوارع والمولات بلا وجهة ولا هدف، وذلك عبر تخصيص برنامج احتفالي متنوع وغني بالفقرات مثل الأوبريت الغنائي والرقصات الشعبية والقصائد الشعرية والألعاب النارية وغيرها.
إن للرئاسة العامة لرعاية الشباب مسؤولية اجتماعية كبيرة ومهمة كونها تتعامل مع ثروة الوطن ووقود المستقبل ألا وهم (الشباب) لذا عليها تبني فكرة فتح مرافقها لإبراز المواهب وتبنيها ومنح تلك المشاريع فرصة لتكون حاضنة لكافة مستويات وفئات المجتمع وليس مقابر رياضية فارهة وبل وأنانية.
وبما أن اليد الواحدة لا تصفق وانطلاقًا من يقيني بأن المسؤولية مشتركة، فعلى أفراد الشعب مسؤولية وطنية ضخمة للمحافظة على تلك المرافق وعدم جرح الأمانة الوطنية أو المساس بها، عبر العبث بتلك المرافق وتخريبها، ورمي القاذورات في أركانها، لتتحول تلك المرافق على حين غرة إلى لوحات صورية بشعة تفضح حالة إهمال عدم مسؤولية، فلا يوجد ما هو أسوأ من إهمال وتقصير المسؤول، سوى عبثية وأنانية المواطن.