بالعودة إلى تاريخ وحاضر الأحزاب السياسية «الإسلامية» وجماعة القاعدة، نجد أن المرأة عنصر رئيسي وفعّال في هذه الأنشطة والفعاليات، بل هي - أحيانًا - أخطر من الرجال بسبب سهولة تحرّكها وتغلغلها في المواقع النسائية، وقدرتها على التأثير والتجنيد وكذلك هي أكثر من يتم الاعتماد عليه في جمع الأموال والتبرعات للجهات المشبوهة، بسبب ضعف الرقابة على الجهات النسائية بشكل عام، وذلك لخصوصيتها التي من الصعب اختراقها. لذا لم أفرح بتصريح وكيل وزارة الشؤون الإسلامية الدكتور توفيق السديري، لصحيفة «الحياة» بقوله: لا توجد رقابة من الوزارة على الداعيات، وأن الوزارة تكتفي بالثقة والرقابة الذاتية.. وأؤكد للدكتور السديري أننا في زمن يستحيل أن يكتفى بالثقة، وأحيله إلى القضايا الأمنية التي تورّط فيها نساء خرجن من عباءة التجمعات الدعوية، بل إن رأفة وزارة الداخلية بالمرأة وطولة بالها عليها ومحاولة سترها، جعلت القضايا النسائية لا تزيد على أصابع اليدين، بل إنّ كل الشواهد تؤكد على ضلوع المرأة في كثير من الأنشطة الإرهابية والتحريض، مع ذلك، نرى تلك النسوة آمنات مطمئنات في بيوتهن. أحيل الدكتور توفيق السديري أيضًا، إلى التقرير الذي نشرته الزميلة هدى الصالح في صحيفة «الشرق الأوسط» العام الماضي، والذي يتحدث بإسهاب عن الأنشطة الدعوية النسائية الممنهجة، بداية من حقبة الثمانينيات وإلى أين وصلت في وقتنا الحاضر، وأتى هذا التقرير بدلائل على تورّط مجموعة من المنخرطات في العمل الدعوي بجماعة الإخوان المسلمين وجماعة القاعدة، وذكر تصريحًا وليس تلميحًا، وجود ثماني داعيات سعوديات ضمن التنظيم السري لجماعة الإخوان المسلمين.
أضف إلى ذلك، العمل النسوي المنظم والمؤسسات التي باتت تخرج لنا كل يوم تحت اسم «حقوق المرأة» وهي بتصاريح من وزارة التجارة، ولم أفهم إلى اليوم ما دخل وزارة التجارة بمثل هذه التصاريح؟!
كان بودي بعد أن لحقت جماعة الإخوان المسلمين برفيقة دربها جماعة القاعدة ضمن التصنيفات الإرهابية، أن يخرج لنا الدكتور توفيق السديري بتصريحات مطمئنة عن وجود رقابة مشددة على هذه المحافل والفعاليات التي اخترقت مجتمعاتنا، وذقنا بسببها الوبَاَل الفكري والثقافي والسلوكي. كان بودي لو خرج لنا بتصريحات تؤكد وجود تحقيقات ومساءلة فيما تضمنه التقرير المنشور في الشرق الأوسط، وغيره من المواضيع التي أكدت وتؤكد ضلوع وتورُّط عدد من الداعيات ضمن العمل الحزبي الإرهابي. إلى متى ونحن نترك هذه الثلة تعبث في الأوساط الدعوية ويتم استخدامها من قِبل جماعات خارجية وداخلية تهدف إلى زعزعة أمن هذه الوطن والنّيل منه؟ إلى متى ونحن نتعامل بثقة وبنيّة صافية مع كل ما يمس المؤسسات النسوية والتي هي بوابة الشر والدخول الآمن لمن أراد استغلال هذا المجتمع، الذي يتعامل دومًا بحسن نيّة مع المرأة ومع كل ما يخص الدعوة!
لماذا لا يوضح الدكتور توفيق السديري هذه الإشكاليات، حتى يرفع الشك عن الداعيات اللاتي وهبن أنفسهن للدعوة وليس للعمل الحزبي، فيختلط الحق بالباطل وينعمي الناس عن التمييز بينهما.
العمل الدعوي النسائي مثله مثل أي عمل مؤسساتي، لا ينبغي أن يمر دون حسيب ولا رقيب، ولهذا باتت «الدعوة» وظيفة مرموقة تتسابق عليها السجينات بعد انتهاء مدة محكوميتهن، كل هذا لأنه وكما يقول وكيل وزارة الشؤون الإسلامية عنها إنها أنشطة بلا رقابة!