بما أن حظر قيادة المرأة للسيارة مستمر، ولا بارقة أمل قريبة لرفعه، لماذا لا نفكر في حلول وسط، بعد تزايد المشكلات الحاصلة بسبب وجود سائق أجنبي يعيش معظم يومه مع المرأة والأطفال، وهاكم من القضايا والمصائب التي تحدث جراء هذه الخلوة وهذا التقارب لرجل أجنبي في وسط الأسرة، فإن لم تطل مشاكله المرأة والأطفال فستطال العاملة المنزلية الموجودة معه بنفس البيت، وكم من القضايا التي رأينا وسمعنا عن التحرش أو الحمل سفاحًا لعاملات من قِبل سائقين، وكم من قضايا التحرش بالنساء والأطفال التي لم ترحم إلا قلة قليلة من البيوت السعودية بسبب وجود سائق «غريب» في نفس المنزل.
من أفضل التجارب التي يمكننا استيرادها من الدول الخليجية المجاورة، والتي ستحفظ «حُرمة» كثير من البيوت، هي تجربة السائقات النساء، فكم شاهدت من تجارب رائعة لصديقات خليجيات تعيش معهم السائقة في نفس البيت، وتكون الأم أكثر شعورًا بالأمان على نفسها وعلى أطفالها في حال خروجهم معها وحدهم، وهذا يستحيل أن يحدث مع السائق الغريب، ولا يقوم به إلا أم مهملة وأب لا مبال، أضف إلى ذلك تقلص نسبة قضايا التحرش بالنساء والأطفال والتي غالبًا ما يكون بطلها (السائق) الذي يعيش في نفس البيت، ويعيش وسط النساء والأطفال بالسيارة، حتى صار السائق يفهم المرأة ومتطلباتها وماذا تحب أن تسمع بالسيارة والأغاني التي لا تحبها أكثر من زوجها، فهو من الصباح إلى نهاية المساء يرافقها في مشاويرها واحتياجاتها أكثر من رب الأسرة الذي في الغالب إما مشغول بالعمل أو بسهرة الأصدقاء!
وجود رجل غريب في نفس المنزل ليس أمرًا سهلاً، وأعتقد أن أغلبنا يقبل به على مضض، ولا يوجد أحد منا لا يتمنى أن يكون بدل السائق «سائقة» إلا قلة قليلة نظرتهم تختلف عن نظرتنا، ويتسمون -غالبًا- بالا مبالاة.
فكرة استقدام سائقات لست أول من يطرحها، لكنني أجد نفسي مضطرة إلى تجديد الطرح وتحديث الفكرة لعلها تجد آذانًا صاغية، لترحم بيوتنا من وجود رجال غرباء يأتون إلينا ويتسلمون كل شيء ونحن لا نعرف شيئا عن أخلاقياتهم ولا عن سلوكياتهم قبل العمل في بيوتنا. وهذا الحل يُعتبر في المرتبة «الوسط» إذ إنه سيرحم المُشرع من حرج قيادة المرأة السعودية للسيارة، وسيرحم بيوتنا ونساءنا وأطفالنا من الخلوة مع رجل غريب يدخل حياتنا عن طريق الحظ، فإن كان صالحًا صلحت معه البيوت، والعكس صحيح.
مع استمرار حظر قيادة المرأة للسيارة، ينبغي علينا أن نفكر ببديل واعي، فليس بالمنطق أن نستمر على هذا الوضع المرهق «نفسيًا» والذي لا نعلم إلى أي نفق مظلم سيصل ببيوتنا وعائلاتنا، وسط تناقض صارخ يسمح للمرأة بالبقاء في المقعد الخلفي «مختلية» مع رجل غريب، ويمنعها من الجلوس خلف المقود في المقعد الأمامي وحدها، فيما يوحي بالخلوة المقصودة.. أنا كامرأة ونساء كثر غيري لم نعد نرغب برجل غريب في بيوتنا، فارحمونا من فضلكم، بالسماح لنا باستقدام سائقات نأمنهن على أنفسنا وبيوتنا وأبنائنا!